صنعاء نيوز - المصدر: صنعاء نيوز

الأربعاء, 13-سبتمبر-2017
صنعاء نيوز -
من مذكرات الرئيس القاضي عبدالرحمن بن يحي الإرياني.

__ موت الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين

وفي 15-9-1962 غادرنا (تعز) إلى (صنعاء) لحضور جلسات (مجلس الوزراء) ومرت ثلاثه أيام وليس في الجو ما ينذر بأن التغيير قد أصبح قاب قوسين أو أدنى
وفي يوم الثلاثاء 18-9-1962 كنا في دار الضيافه فإذا بنا نُفاجأ بوصول (السيد عبد الله عبد الكريم) صهر الإمام والأثير لديه ومعه (العقيد أحمد الآنسي) رئيس الشعبه العسكريه في تعز . ولما عرفنا أنهما في طريقهما للعوده إلى (تعز) استشعرنا أنّ وراء هذ المجيء والعوده السريعه نبأ . وسألت (السيد عبد الله عبد الكريم) -وكان لي عليه داله وبيننا صداقه- عن سبب مجيئه فقال أنه جاء برساله شفهيه (للبدر) من أبيه . فقلت : (ماسر هذه العجله؟ )
فقال : (لأن الطائره ستعود الآن)..
. ولكنّ (العقيد أحمد الآنسي) انتهز فرصة إشتغال (السيد عبد الله) بالكلام مع الآخرين وجرّني بعيداً وأسرّ إليّ أن (الإمام) قد مات , وأنهما عائدان إلى (تعز) لإيصال الجثمان إلى (صنعاء) لمواراته التراب بجوار المسجد الذي بناه (الإمام أحمد) ليُدفن بجانبه أسوةً بأبيه (الإمام يحي) . إستغربت أن يكتم عني( السيد عبد الله عبد الكريم) خبراً سيُعلن بعد ساعه وقد استشفّيت من وراء هذا الحذر إيغالاً في سوء الظنّ .

وما هي إلاّ دقائق حتى جاء من يدعونا إلى (المقام) , أي إلى (قصر وليّ العهد) وذهبت إلى هنالك وفي مكان الإنتظار لم أجد غير (القاضي محمد بن أحمد الجرافي) السكرتير الأول في مقام ولي العهد , وكان ينتظر الإذن بالمقابله وقد بدا عليه أنه لا يعلم شيئاً عن وفاة (الإمام أحمد) , ولهذا فقد تلقّى الخبر مندهشاً ثمّ واجماً .

وبينما نحن نَسْتَكْنِهُ المستقبل ونحاول إستطلاع ما تُخبئه الأيام جاء أحد الجنود يدعونا إلى (وليّ العهد) . وقد دخلنا فوجدنا (السيدين عبد الرحمن عبد الصمد وحسن بن علي بن إبراهيم) قد سبقانا . وانتظرنا حوالي نصف ساعه كان الوجوم والصمت هو السائد حتى جاء بقية الوزراء وهناك عُقدت الجلسه وحضرها من خارج الحكومه (الأمير سيف الإسلام علي بن الإمام يحي) وقد قام هو ينعي (الإمام أحمد) والدعوه إلى بيعة (ولي العهد) إماماً وملكاً على اليمن وتمّت البيعه من الحاضرين واتجهنا بعد ذلك إلى المطار لملاقاة الجثمان والإشتراك في تشييعه إلى مأواه الأخير .

كان (السيد محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الشامي) مدير الإذاعه السابق من المرافقين (للإمام أحمد) حينما سافر إلى إيطاليا للإستشفاء . وقد وَضع كُتيّباً يشرح فيه الرحله وسمّاه( في الموكب الناصري). وكان من غرائب الصدف أنه كان قد مات بحادث سياره في اليوم الذي مات الإمام في مسائه , وقد كان الجثمانان معاً على الطائره وقد حُمِلا إلى مسجد قبة المتوكل للصلاة عليهما معاً وقال الناس أنه في موكب الإمام الناصر حتّى إلى العالم الآخر.

______ على قبر الإمام

وقفنا على حافة القبر وبجانبي (السيد العلامه محمد بن يحي الذاري) وكان لي صديقا حميما , وقفنا (موقف العبره ). وقال السيد الجليل الذاري :
(أرأيت ذلك الرجل الرهيب الذي كان يخافه أبناء الشعب اليمني والذي أطاح بالرؤوس وأخضع القبائل وأهان رؤساء العشائر هاهو بين أيدينا جثه هامده لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا)
وقلت له إنها الدنيا وسنة الحياة وما أصدق المثل القائل ( والقبر صندوق العمل) . فقال :
(كيف شعورك اليوم نحوه ؟ )
فقلتُ له إنه (شعور المشفق ). فقال :
(هل تسمح لنفسك الآن بالمسامحه ؟ )
فقلت : (نعم..) لكن ماذا يُجديه أن أسامحه وأنت تعرف ما جرى لهذا الشعب من ويلات على يديه وكم أخوه وزملاء ممن قُطعت رؤوسُهم بحد السيف لمجرد أنهم طالبوا بالإصلاح , ينتظرونه هناك وفيهم (السيد حسين الكبسي) ذلك الرجل الذي كان خيراً كلُّه وفيهم وفيهم وفيهم , ودمعت عينا (السيد الذاري) رحمه الله( إشفاقاً .)

نقلاً من (مذكرات الرئيس القاضي عبد الرحمن بن يحي الإرياني)
الجزء الأول 1910-1962
ص(421-422-423) #محمد_حسين_العمري
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 24-أبريل-2024 الساعة: 03:07 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-55169.htm