صنعاء نيوز - الدكتور عادل عامر

تفرض طبيعة المجتمع المصري وخصائصه الثقافية والتاريخية عددا من الركائز الأساسية التي تضمن نجاحا حقيقيا للإعلام في بناء الدولة

الخميس, 17-مايو-2018
صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -


تفرض طبيعة المجتمع المصري وخصائصه الثقافية والتاريخية عددا من الركائز الأساسية التي تضمن نجاحا حقيقيا للإعلام في بناء الدولة، وتشمل: الحرية المسئولة للإعلام، ويعتمد تحقيق هذا المبدأ بصدور منظومة التشريعات الإعلامية الجديدة، والضبط الذاتي للمهنة من خلال التنظيمات الذاتية للإعلاميين أنفسهم، والمتابعة المجتمعية للأداء الإعلامي من خلال جمعيات المجتمع المدني وبحوث الأكاديميين ومشاركة الجمهور في تقييم الأداء الإعلامي. وتكمن قوة مصر وتماسكها في وحدة نسيجها الاجتماعي ، ويتطلب ذلك ضرورة تكثيف الاهتمام بالحفاظ على الوحدة الوطنية للشعب المصري، وتكاتف المجتمع والحرص على تماسكه، وتنمية الحس الوطني للمصريين.

تحتل وسائل الإعلام في كل الاوقات مكانة متميزة انطلاقا من طبيعة وظائفها وتأثيرها على الانسان (كفرد او مجتمع او كدولة)، حيث اصبحت دول العالم خاصة المتطورة تعتمد على ثلاث تواثب رئيسة في بنائها إلا وهي (السياسة والاقتصاد والإعلام) ومما ضاعف تأثير وسائل الإعلام على بناء شخصية الانسان هو تداخل وظائفها مع جميع طبقات المجتمع لما تقدمه من معلومات عبر مساحات كبيرة وعلى مدار الساعة من خلال مختلف وسائلها سواء ان كانت مسموعة مثل الراديو والهاتف المحمول او مقروءة مثل الصحف والمجلات او مرئية مثل القنوات الفضائية والأنترنيت وتسهم هذه الوسائل في بناء القناعات والاتجاهات والمعتقدات عند الفرد وكذلك التأثير على التنشئة الاجتماعية التي تؤثر بدورها على بناء الانسان الفكري والاجتماعي والنفسي

،وإدخال ثقافة المجتمع في بناء الشخصية وتطبيع المادة الخام للطبيعة البشرية في النمط الاجتماعي والثقافة أي التشكيل الاجتماعي لخامة الشخصية. وتختلف وسائل الإعلام من حيث تأثيرها على الانسان فهي اما ان تكون بطريقة مباشرة من خلال برامج ذات اتجاهات واضحة يفهمها المتلقي كما هو موجود في برامج الاذاعات الدينية والوثائقية او يكون تأثيرها بطريقة تراكمية عبر الامتداد الزمني الذي يسهم بدوره برسم صورة عن الاشياء والاشخاص من حولنا وكذلك التأثير في اتجاهاتنا وسلوكنا حيال الواقع المحيط بنا.

والواقع ان الاعلام في العصر الحديث ، اصبح جزءاً من حياة الناس إما يؤثر فيهم سلبا أو إيجابا، لذلك أصبحنا نلاحظ أن عقليات شباب اليوم قد تغيرت بشكل خطير . ولأن الاعلام جعل من العالم قرية صغيرة فقد ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في نقل السلوكيات والثقافات بين الشعوب، فلم يعد للمجتمعات قيم تابته ذات خصوصيات متفردة. وتختلف نظرة الأفراد إلى الإعلام فمنهم من يعتبره وسيلة لنشر الاخبار ومعرفة الجديد في العالم ومنهم من يعتبره أداة لبناء الشخصية وللتنمية. وينبغي أن يظل تحقيق أغراض التنمية بأبعادها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية قاسماً مشتركاً بين كافة وسائل الإعلام خاصة مع تعاظم الدور الذى يمكن أن يقوم به الإعلام في دعم قيم ترشيد الاستهلاك للطاقة والخبز والمياه والسلع الاستهلاكية، والمبادرة الإيجابية لتنفيذ المشروعات الصغيرة وتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبي ودعم قيم الادخار وتشجيع السياحة، وتنمية الوعى الصحي بما يدعم ثقافة الوقاية من الأمراض ، وتنمية الثقافة الغذائية السليمة، ودعم قيم المشاركة الإيجابية للتصدي لكافة مشكلات المجتمع المحلى.

وينبغي أن تتضمن سياسة الإعلام في إحدى ركائزها الأساسية قيادة المجتمع المصري على مستوى كافة فئات الرأي العام لا سيما النخبة المصرية إلى المستقبل، والمساهمة الإيجابية والفاعلة في تحفيز كافة مؤسسات المجتمع الأكاديمية والبحثية إلى صياغة استراتيجيات مستقبلية متكاملة تقود المجتمع ونخبته إلى استشراف المستقبل، والتخطيط المستقبلي . وينجذب الشباب العربي لبرامج تليفزيون الواقع خاصة تلك التي تعتمد على الموسيقى والغناء، وربما يعود ذلك إلى التقاليد الثقافية العربية التي رسخت الغناء كجزء من الحياة اليومية في العديد من القرى والبلدان العربية.

وتعد برامج تليفزيون الواقع نقلة جديدة في لغة الثقافة العربية حيث نشأت معها أنماط جديدة من البث الأخلاقي والاجتماعي، فهذه البرامج المستنسخة بدأ معها بث برامج لا هدف لها إلاّ الإفساد ومخاطبة الغرائز وتقليد حياة الغرب وجعلها نموذجاً، بهدف زعزعة المبادئ والقيم الاجتماعية والهوية العربية والإسلامية

تؤثر وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وتلفزيون وفضائيات وسينما وصحف ومجلات وكتب وإعلانات في عملية بناء الشخصية لما تقدمه من معلومات وحقائق وأخبار ووقائع وأفكار وأراء لتحيط الناس علماً بموضوعات معينة من السلوك مع إتاحة فرصة الترفيه والترويح، واهم خاصية مؤثرة لوسائل الإعلام أنها غير شخصية وتعكس جوانب متنوعة من الثقافة وان أثرها يزداد تعاظماً وأهمية في المجتمع الحديث.

أن وسائل الاعلام ، وعلى رأسها التلفزيون ، تستطيع أن تخلق نوعاً معيناً من الجمهور يؤمن بما تطرحه حتى وإن كان يخالف قناعاته حيث أن الاتساق بين ما يطرح وتكراره يرسخان الفكرة المطروحة ويجعلانها مقبولة للتصديق وللإيمان بها من قبل الجمهور المستهدف . وتساهم وسائل الاتصال في التأثير المتدرج على الفرد المتلقي من حيث تكوين فكره السياسي والثقافي من خلال امداده بالمعلومات والمعارف وصولاُ الى تشكيل آراءه ومعتقداته واتجاهاته ومن ثم سلوكه داخل المجتمع .

أن مدخل ( نظرية ) الاستخدامات والاشباعات يقوم على مبدأ الجمهور ( النشيط ) الذي يبحث عن الوسيلة الاعلامية التي تحقق له اشباعات معينة ، والمدخل( النظرية ) يمثل مرحلة بحثية متطورة لفهم العلاقة بين المرسل والجمهور وهو يهتم بتحديد العوامل التي تؤثر في اختلاف السلوك الاتصالي للجمهور ، حيث أن دوافع مشاهدة الجمهور للمادة الاعلامية تختلف وفقاً لخصوصية كل مجتمع وظروفه المختلفة . وترجع عملية ( استخدام ) الجمهور للوسيلة الاعلامية الى أسباب عديدة منها :

الخلفية الثقافية ، الذوق الشخصي ، أسلوب الحياة ، الجنس ، السن ، مستوى التعلم ، ونوع الاشباع الذي توخى الفرد الحصول عليه من التعرض للوسيلة الاعلامية ، وهذه كلها أو بعضها تؤثر على اختيار أو ( استخدام ) الفرد للوسيلة الاعلامية . وبموجب هذه النظرية ( المدخل) لم يعد الجمهور مجرد متلقٍ سلبي يقبل بما تقدمه الوسيلة الاعلامية له ، وانما اصبح جمهوراً نشيطاً ايجابياً يبحث عن المضمون الاعلامي المناسب له ويتحكم في اختيار الوسيلة الاعلامية التي تقدم له هذا المضمون .

وقد أصبح التلفزيون في أحيان كثيرة عاملاً مساعداً في صنع الأحداث وفي أحيان كثيرة مشاركاً فيها ، والجمهور المتلقي قد لا يصغي الى أية وسيلة اعلامية أخرى اذا كان ما تقوله مخالفاً لما تقوله الصورة ، اذ أن الصورة يمكن أن تقول ما تعجز عنه الكلمات . والتلفزيون قد لا ينقل الحقيقة كاملة أو انه يقدم شيئاً مخالفاً للواقع وهو في كل ما يعرضه يوفر عنصر التشويق ويقرب من الاقناع من خلال الواقع الجديد الذي ينقله عن الحدث ويسوّقه للجمهور، اضافة الى أن الافراط في التغطية الاعلامية يجعل الحدث مهماً وحقيقة قائمة ، ومادام ما يقدم ويعرض هو الحقيقة في نظر الجمهور المتلقي أو انه الأقرب اليها فانه ليس على المتلقين ، خاصة اذا كانوا أميين أ, أنصاف متعلمين ،

إلاّ أن يصدقوا ما ينقله التلفزيون من صور بسيناريو محكم ومضمون معقول تستطيع أن تجمع آراء هؤلاء المتلقين حول المشكلة أو القضية ، وهنا يلقى المضمون التلفزيوني الأكثر جدية ووضوحاً وبعداً التجاوب الأكبر من قبل الجمهور خاصة وأن هذا الجمهور لا يتلقى معلومات منافسة قد تنقص من مصداقية ما يشاهده .

- واستناداً الى التأثير الذي يملكه التلفزيون على الجمهور المتلقي فقد تمت محاولات كثيرة للربط بينه وبين الترويج للعمليات الارهابية . ويرى البعض من الدارسين للشؤون الاعلامية أن الارهاب يصنع الفعل وهو الذراع التسويقي للإرهاب ويضيفون أن العلاقة بين الاعلام والارهاب أصبحت الآن تشبه شراكة بين مؤسستين احداهما تقوم بصنع الحدث والأخرى تسوّقه ، ومن هؤلاء( جون الترمان ) من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الذي يرى في كتابه ( اعلام جديد .. سياسات جديدة من التلفزيون الفضائي الى الانترنت في العالم العربي ) أن الاعلام والدعاية للأعمال الارهابية له في كثير من الأحيان أهمية تزيد على العمل الارهابي نفسه ويضيف أن الارهاب يصنع الفعل والاعلام هو الذي يسوّقه .
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 09:12 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-60256.htm