صنعاء نيوز - أن تُرسِل “القلب والقُبلة” قد يعني أنك “مُتحرِّش” في السعوديّة.. مُستشار قانوني يتحدَّث عن “رسومات” التواصل الإلكترونيّة

الأربعاء, 30-مايو-2018
صنعاء نيوز -
أن تُرسِل “القلب والقُبلة” قد يعني أنك “مُتحرِّش” في السعوديّة.. مُستشار قانوني يتحدَّث عن “رسومات” التواصل الإلكترونيّة التي ستكون “مُجرِّمة” وفق قانون التَّحرُّش الجديد في المملكة.. جَدلٌ ساخِر من عُقوبات الأشغال الشاقّة التي تطال العاشقين الافتراضيين.. وأصوات إسلاميّة تُحذِّر

متابعات عمان – “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
وافَق مجلس الشورى السُّعودي على قانون نظام التحرش، وأدخل البلاد في حالة جدل ومن ثم هرج ومرج، وسخرية واسعة النِّطاق، حيث يشمل القانون ٨ مواد، ويصل فيه محكوميّة المُتحرِّش إلى 15 عاما، والغرامة بحد أقصى 3 مليون ريال، أو بإحدى العُقوبتين، لكن هذه العُقوبات تبدو صارمة، في وجه ظاهرة ستكون مُنفلتة الضوابط والتطبيق، مع غِياب رجال الدين، ومُؤسستهم الدينيّة، ولدرجة قد تُصبح بعضها هَزليّةً بامتياز إذا وصلت العالم الافتراضي.
المُجتمع السعودي أفْرَط سابقاً في التطرُّف، والصًّرامة الدينيّة، ودخل في نفق تطبيق الفصل بين الجنسين، وذلك وفق ضوابط رجال الدين، وهيئتهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعليه كان المجتمع يفترض أنه محميٌّ في ظل هذه المظلة التي تُوفّر الحماية للنساء “المُغيّبات” عن الشارع، والحياة العامّة بمفهومها في الدول العربيّة الأُخرى.
اليوم العربيّة السعوديّة تَستبدِل جِلدها المُنضَبِط، وتَدخُل عالم الانفتاح، وتستغني إجباراً عن حِمايةٍ دينيّةٍ مُفترضة وللنساء تحديداً، وبذلك تجد سلطاتها أمام وجوب إقرار قانون أو منظومة تعمل عمل رجال الدين كنظام قانون التحرش الذي يُغلِّظ العُقوبة على المُتحرِّش، ليبقى السُّؤال عالِقاً في أذهان الإسلاميين قبل الليبراليين، هل سينجح القانون فيما فشل فيه الدين سابقاً، في ظل انفتاح أخرج المرأة، وغيّب سطوة الهيئة، مع علامات استفهام حول الرقابة الذاتيّة، ورادع الأخلاق الغائِب أحياناً.
العالِمون بشكل الحياة الداخليّة على الأراضي السعوديّة، لا يخفون أن ثمّة تغيّرٍ حاصل أو ثورة على المفاهيم التي توارثتها الأجيال على مدار 80 عاماً، لكن تغيير المفاهيم لشعب كما يصف نفسه “تويتريّاً” بالجاف عاطفيّاً، قد يضعه في جولة ملاكمة صعبة، ومفتوحة النهايات، مع مفاهيم كانت حراماً وموبقات، وسن قوانين رادعة غليظة على شاكلة قانون نظام تحرُّش، قد يُنبئ بالكثير، خاصَّةً أن الدولة السعوديّة لم يُعرف عن حُكومتها مراعاة حقوق المرأة الأساسيّة، فكيف بتلك التي تُنكرها حتى مُجتمعات عربيّة أكثر انفتاحاً عن السعوديّة بقليل، وتنظر لضحيّة التحرش والاغتصاب بعين الريبة، والشك، وتحميل المسؤوليّة.
صحافيون سُعوديّون، وبعضهم من أبناء القبائل الكبيرة، تحدَّثوا لرأي اليوم، عن النظرة البِدائيّة للمرأة في بلادهم، وحصر دورها بالشَّرف والتزامها فيه من عدمه، وطرحوا تساؤلات حول آليّة التَّطبيق الفاعِلة لقانون التَّحرُّش الجديد، حيث استبعدوا أن تقوم إمرأة من أي عائلة سعوديّة مثلاً، بتقديم شكوى على المُتحرِّش بها، والمُطالبة بإيقاع عُقوبة السجن أو الغرامة به كما ينص القانون، لأنّها تعي تماماً ماذا يعني وصمها (بالمُتحرَّش بها) حتى بين أقرب المُقرٍّبين إليها من والدها، وشقيقها، وعليه ستفُضِّل الصَّمت، والتحول إلى ضحيّة، وبالتالي يقول صحافيون ربّما يكون تطبيق القانون فضفاضاً، ويحتاج إلى عناصر بشريّة مدنيّة تماماً كما سابقتها الدينيّة، لحفظ الأمن المُجتمعي حتى اعتياده على المُتغيّرات الحاصِلة.
وعلى وَقع إقرار القانون الجَدلي الذي يُفتَرض أن يردع أصحاب الشهوات والملذّات، كان السعوديون على موعدٍ “ساخِر” مع القانون الذي أقرّه أخيراً مجلس شورتهم الإثنين، بعد أن قال أو أوضح أحد المُحامين وهو مُستشار قانوني ويُدعى خالد البابطين معالم القانون الجديد في تغريدة، حيث أوضح قائلاً أنّ إرسال رسومات كالقُبلة والقلب عبر وسائل التواصل الإلكتروني ستكون مُجرِّمة وفق قانون مُكافحة التحرش الجديد، وذلك متى كانت بين رجل وإمرأة لا تربطهم علاقة شرعيّة، تُبرِّر هذه الرسائل.
وما إن ظهرت تغريدة المحامي صاحب الحساب المُوثَّق، حتى تحوّل القانون إلى مادّة دسمة ليس لردع المُتحرِّش، بل للسُّخرية والتندر، وإطلاق النُّكات، التي أدخلت أهل الحرمين في مشهد كوميدي افتراضي، انطبق عليه النُّكتة السَّاخرة التي تقول “ضحك الجميع، ومات المخرج”.
وتصدًّر وسم “فيسات الواتس تحرش” قائمة الترند المحلي في العربيّة السعوديّة، وسط مئات من التغريدات المُتسائلة عن صحة العُقوبات التي تطال أصحاب القلوب والقُبل الافتراضيّة في المملكة، وتغريدات السُّخرية التي اعتبرت أن الأمر أو القانون فيه من المُبالغات الكوميديّة.
الشوق عطري حذًّرت ساخرة من القلب أبو سهم الذي فيه عقوبة الأشغال الشاقّة، أمّا خالد فحذًّر من خطوة البنات الجديدة، والتي تقضي بتصوير محادثات الشباب المليئة بالقلوب، مُقابل التهديد بالزواج، محمد العسيري فعتب على المجتمع، وعلى القانون قائلاً: “من نشأ في في بيئة جافّة، لا تستبعد أن يعتبر الابتسامة تحرّش”.
ووسط كل هذا الجدل السًّاخر، تعالت أصوات بين رُكام الضَّحك الافتراضي، وتساءلت عن مدى جديّة تلك القوانين، وترك السُّلطات للقضايا الهامة، كالبطالة، والسكن، والتعليم، والاقتصاد، ومنهم الداعية الإسلامي محمد الكثيري الذي اعتبر أنّ هذه الأمور وتفاصيلها إلهاء سطحي يُراد فيه إشغال الشعب بالسُّخف والانحطاط.
أمّا نُشطاء الرأي المُعتقلين، فكان لبعض ذويهم حُضور لافت، فاستغلَّوا الأجواء، ولفتوا إلى مُعاناة هؤلاء في السُّجون، بالقول أنّ هؤلاء تحرّشوا بهيبة الدولة، ولعلهم أرسلوا لها “إيموجي” على شكل قلم، فردّت لهم الصاع بصاعين “بفيسات” التعذيب والوجوه الغاضبة.
ولم تَصدُر عن السُّلطات السعوديّة حتى إعداد الموضوع أي توضيح، سواء تأكيد أو نفي لما صدر عن تغريدة المحامي، وبقي فهم قانون التحرش الجديد ضمن العموميّات التي تناولها الإعلام المحلي، وضوابط ضبط ومُعاقبة المتحرش، والعلاقة بين الضحيّة وجلادها.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 24-أبريل-2024 الساعة: 10:40 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-60680.htm