صنعاء نيوز - 

شهد العقدان الأخيران تسارعا ملحوظا في التطور التكنولوجي، فالمسافات ألغيت والحياة أصبحت أسهل، حتى ان العالم بات أشبه بـ"قرية كونية"

السبت, 23-يونيو-2018
صنعاء نيوز -


شهد العقدان الأخيران تسارعا ملحوظا في التطور التكنولوجي، فالمسافات ألغيت والحياة أصبحت أسهل، حتى ان العالم بات أشبه بـ"قرية كونية"، ولكن مقابل هذه الحسنات برزت جملة تحديات بعد توظيف هذا التطور لمصالح مشبوهة. فالتكنولوجيا دخلت في كل مناحي الحياة وباتت بمتناول الجميع بدءا من الأطفال، وهنا بيت القصيد ومكمن الخطورة، إذ ومن خلال هاتف ذكي، على سبيل المثال، يمكن لأي طفل أن يدخل إلى عالم واسع بـ"دعسة ناقصة" قد تودي به إلى ما تحمد عقباه.

هذا الكلام ليس عاما على الإطلاق، بل يمكن تدعيمه بعشرات الأمثلة التي يطالعها كل منا في حياته اليومية. في الفترة الأخيرة، تتردد كثيرا على مسامعنا عبارة "الحوت الأزرق"، وهي لعبة إلكترونية، يلعبها الأطفال والمراهقون على الهواتف الذكية وتدفعهم إلى الإنتحار. فما هي هذه اللعبة وتأثيراتها النفسية؟ وما هو دور الأهل وحتى الجهات الأمنية لتفادي هذا النوع من الألعاب الخطرة؟

ماهية اللعبة

"لعبة الحوت الأزرق" هي تحدّ يوجد فقط ضمن مجموعات مغلقة من الأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو تحدٍّ صممه، الروسي فيليب بوديكين، الذي وللمفارقة يقبع حاليا في السجن.

إذاً، الحوت الأزرق ليست لعبة بالمعنى المفهوم، أي أنها ليست تطبيقا على الهواتف الذكية أو برنامجا تقوم بتحميله على الحاسوب الخاص بك، بل هي تحدٍّ.

ويتضمن التحدي مجموعة من المهمات يكلّف بها من قرر الخوض فيه، تبدأ من مهمات بسيطة كالاستيقاظ في موعد محدد، ومشاهدة أفلام رعب بعينها، والاستماع لأغانٍ محددة، ورسم شكل الحوت على الجلد بأداة قاطعة، وإيذاء الجسم بطرق مختلفة، والانعزال عن الناس لمدة يوم كامل.

ثم تتطور التحديات شيئا فشيئا في العنف حتى تصل إلى التحدي النهائي، وهو أن يطلب مدير التحدي من الخاضع له أن ينتحر في موعد محدد بالقفز من أعلى المنزل مثلا.

حالات انتحار

ارتبطت لعبة "الحوت الأزرق" الخطيرة بحالات وفاة كثيرة بين المراهقين في كل أنحاء العالم، وهو ما انسحب ايضا على أطفال لبنان.

في أواخر أيار سقط ليث أشرم (16 عاماً) من شرفة منزله في الطبقة الرابعة من أحد أبنية بيروت، وعائلته تتحدث عن احتمال انتحار وعن تغيرات ظهرت في سلوكه، منها تعلّق غير طبيعي بالهاتف، وسهر طوال الليل، والمشي على حافة الشرفة، وصولاً إلى السؤال عما إذا كان الانتحار جريمة يعاقب القانون مرتكبها في حال لم تنجح المحاولة، وفق ما نقلت وسائل إعلام حينها.

وفي دول عربية اخرى شهدنا حالات مماثلة، فعلى سبيل المثال أقدمت فتاة أردنية قبل أيام على الإنتحار شنقاً في مدينة الزرقاء شرق العاصمة عمان، إسوة بصديقتها التي انتحرت قبل أسبوع. ورجح مصدر رسمي أن سبب الإنتحار في الحالتين هو لعبة الحوت الأزرق.

وفي الجزائر أيضا ضج العالم قبل أشهر بخبر انتحار طفلين بعد أيام من الإدمان على لعبة "الحوت الأزرق".

كذلك تسببت هذه اللعبة بانتحار طفلة تبلغ 12 عاماً، بروسيا، وأخرى تبلغ 15 عاماً في أوكرانيا، كما توفيت طفلة في 12 من عمرها في السعودية بسبب اللعبة نفسها.

هذه أمثلة قد لا تكون الوحيدة ولكنها بالتأكيد مرعبة، فكيف السبيل إلى مواجهة هذه اللعبة الخطيرة؟

الأمن... لا حول ولا قوة؟

يطرح البعض تساؤلات عن دور القوى الأمنية في هذا المجال، خاصة وأن العديد من الأجهزة قادرة على التحكم بما نشاهده ونتابعه على الشبكة العنكبوتية، فهل يمكن فعل أي شيء في "لعبة الحوت الأزرق"؟

في لبنان، ونتيجة تزايد المخاوف من حالات انتحار بسبب اللعبة، اصدرت قوى الأمن الداخلي قبل فترة بيانا تحذيريا بعد تلقيها عدداً من الإفادات من قبل المواطنين، حول اطفال تظهر عليهم علامات خمول ذهني ويحاولون الانتحار نتيجة استخدامهم تطبيقي "الحوت الازرق"، كما شرحت مخاطر استخدام هذه اللعبة بين الأطفال حتى انها منعتها، ولكن هل هذا كاف!؟

في سياق متصل، نفت مصادر الأمن العام لموقع "الكلمة أون لاين" قدرة المديرية على اتخاذ اي تدبير لوقف "لعبة الحوت الأزرق"ووضع حد لها، فدور الأمن العام في هذا المجال لا يمكن أن يتعدى تحذير المواطنين من مخاطر هذه اللعبة، وتلفت المصادر النظر إلى أن الدول الأكثر تقدما على الصعيد التكنولوجي لم تستطع فعل شيء إزاء هذه اللعبة فكيف الحري بلبنان!

دور الأهل

المقاربة الذكية قد تكون الحل الأسلم في هذا المجال، والرقابة الدائمة ضرورية. كخطوة أولى، يجب على الأهل تحديد التطبيقات التي يمكن للأطفال تحميلها على هواتفهم وأجهزتهم العاملة عبر ما يعرف بـ"التحكّم الأبوي" parental controls.

وللتأكد من درء الخطر، ينبغي الذهاب إلى إعدادات الهاتف settings، ومن ثمّ "شاشة القفل والحماية" lock screen and security والنزول إلى كلمة "مصادر غير معروفة" unknown source، والتأكّد من إزالة العلامة لعدم تمكين الهاتف من تحميل تطبيقات من خارج المتجر الرسمي.

هذا على الصعيد التقني، ولكن يبقى تعامل الأهل مع الأبناء هو الأساس، سواء من خلال التوجيه والتربية أو مشاركة الطفل في حياته اليومية ومراقبته عن كثب.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 01:02 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-61286.htm