صنعاء نيوز - محمد عبد الوهاب الشيباني

الإثنين, 17-سبتمبر-2018
صنعاء نيوز/ محمد عبد الوهاب الشيباني -


اصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ ايام قانون انتهاكي، اجهزت مواده على كل المتبقي من هامش الحريات التي بدأت بالتأكل منذ الثالث من يوليو 2013 . فبعد السيطرة على منابر الاعلام، واستخدامها الفج في توجيه الرأي العام لتقديس القائد وتنزيه العسكر، وصلت الامور مع هذا القانون الى فرض رقابة شديدة على الصحافة الإلكترونية غير المسيطر عليها امنياً، في زمن الفضاء المفتوح. القانون صدر تحت مسمى "تنظيم الصحافة والإعلام" ،ويشمل على عشرات المواد ،التي اتكأت في الاصل، حسب مهتمين، على قانون العقوبات المصري الشهير، الذي تعاقب مواده بالحبس والغرامة "كل من أهان مجلس الشعب أو الهيئات النظامية أو سب موظفا عاماً أو نشر أخباراً وشائعات كاذبة بسوء قصد". و تحظر احدى مواده "كل موقع إلكتروني أو مدونة أو حساب شخصي على وسيلة للتواصل الاجتماعي يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر، بدعوى نشر أخبار كاذبة أو التحريض على مخالفة القانون أو الحضّ على العنف أو الكراهية. ومنحت هذه المادة المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام الحق في اتخاذ الإجراء المناسب حيال المخالفة ،وله في سبيل ذلك وقف وحجب الموقع أو المدونة أو الحساب المشار إليه ".

وعلى الضفة الاخرى، في السلطنة الاردوغانية ، ثمة قانون يجرِّم إهانة الرئيس وتحقيره ،وهو من قوانين ما بعد يوليو 2016، واستنادا الى هذا القانون ، وفي فترة زمنيّة مُتقاربة، نفّذت سلطات تركيّة أو موالية لها اكثر من عقوبة بحقّ مُعارضين للرئيس التركي، على نحو اعتقال طبيب سوري، في مدينة الباب السورية بتهمة تحقير رئيس الأمّة الإسلامية والتركية العظيم، رجب طيب أردوغان” وفقاً لمحضر الدعوة، والحكم عليه بالسجن مُدّة ستة أشهر، وغرامة ماليّة قدرها 5000 آلاف ليرة تركية. او الحكم على النائب السابقة في البرلمان التركيّ، عن حزب الشعوب الديموقراطية، ليلى بيرليك، بالسجن عاماً وتسعة أشهر بتهمة إهانة الرئيس ايضاً، فاضطرت للفرار الى اليونان طالبة حق اللجوء السياسي فيها.

وفي واحدة من مضحكات وقائع الاستبداد ما سردته الناشطة السودانية "ويني عمر" التي كتبت اواخر اغسطس الماضي : " في الخرطوم، تستيقظ مبكراً، بمزاج هادئ وأمل في الحياة. تقرّر الذهاب لمشاهدة شروق الشمس على شاطئ النيل، وحدك أو برفقة الأصدقاء. لتتفاجأ بيد تمتد لتشدّ على كتفك. تلتفت فتجد شرطياً غاضباً يشدك بقسوة ويقتادك إلى قسم الشرطة وسط حيرتك وارتباكك. وهناك تعرف أن تهمتك هي "مشاهدة شروق الشمس". يحدث هذا ، بشكل يومي، وبواسطة شرطة النظام العام، و يتعلق الأمر في معظم الأحيان بتهمة "عبادة الشمس" أو ممارسة طقوس وثنية، وفجأة تتحول رغبتك في مشاهدة الشروق إلى جريمة، وقد تُضاف إليها تهم أخرى طبعاً. مثل تلك التي وجِّهت لمجموعة فتيات تم اعتقالهن بتهمة "التجمع لمشاهدة شروق الشمس" ثم وجهت المحكمة لهن تهمة إضافية هي ارتداء "الزي الفاضح" المأخوذة من المادة 152 من القانون الجنائي السوداني. فبعضهن كن يرتدين البنطلون، وهو ما يُصنّف في السودان كزيّ فاضح. وحكم القاضي على الفتيات بغرامة 2000 جنيه سوداني (حوالي 50$) لكل واحدة منهن، وتمّ توزيعها كالآتي: 1000 جنيه عقوبة على ممارسة عادة دخيلة هي مشاهدة شروق الشمس، و1000 جنيه أخرى على ارتداء الزي الفاضح."

حين اطلق محمد بن سلمان رؤية 2030 اراد تقديم السعودية للعالم كدولة جديدة تتعافى من استبداد القديم والتطرف ، يقودها مسئول عصري ناضج، لكنه وبعد اشهر قليلة كشف عن وجه قبيح لديكتاتور صغير، ملاء اقبية اجهزته السرية بمعارضيه ومنافسيه من الامراء والناشطين المدنيين ورجال الدين. واذا كانت بعض القراءات تجد تبريرا لاعتقال الامراء ورجال دين متطرفين، لأسباب تتصل باستراتيجية الحكم، لكن بماذا يمكن تبرير اعتقال الناشطين المدنيين السلميين، وكيف يمكن تفسر ردة الفعل الصبيانية ضد كندا ،التي ادانت مثل هذه الممارسات فقام الحاكم بقطع العلاقات وتعطيل الاتفاقات وحرمان مئات الطلاب من مواصلة تعليمهم في الجامعات الكندية؟! ومثل ابن سلمان يتصرف حكام الامارات والخليج مع خصومهم بأفعال تقطرها الضغائن في الاصل.

يضع الدستور الإيراني قائد الثورة الإسلامية أو "الولي الفقيه" أو ما يعرف بـ "المرشد الأعلى للثورة الإسلامية" في رأس هرم النظام السياسي للدولة الإيرانية ، ويجرِّم بالحبس المغلظ ، حسب قوانين ومراسيم مختلفة ، من يمس ذاته بالنقد او التعريض لأنه فوق النقد والمساءلة بحكم مكانته الروحية، التي تعطيه صفة القداسة، وهي ذات الصفة التي يكتسبها زعماء روحيين خارجين من عباءته مثل حسن نصر الله، الذي يصعب تناوله بالنقد في لبنان، وعلى وجه الخصوص في اطار طائفته. فما هو مسموح به كسقف ،في سياق خصوصية لبنان في مجال الحريات، هو نقد بعض تصرفات الحزب لكن دون المساس بأمينه العام ،على عكس رئيس حركة امل " نبيه بري" الاكثر شعبوية، الذي يتجرأ الاعلام وبعض السياسيين من وقت لآخر بنقده، لكنهم يعلمون انهم قد يتحملون اكلاف ذلك تعديات الانصار واحتجاجاتهم التي تطال المباني، على نحو حادثة تلفزيون الجديد في فبراير 2017 ،حين قام مؤيدو بري بتهشيم واجهات المبنى لأنه مثّل رئيسهم بدمية!!
ومثل حسن نصر الله يصعب هنا المساس بزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، لان انصاره الذين يتسامحون احيانا مع نقد تصرفات حركتهم وتجاوزاتها منذ انقلابها قبل اربعة اعوام، لا يقبلون ومن موقع التنزيه المساس بزعيمهم الروحي ، مثلهم مثل انصار الزعماء الطائفيين في العراق، الذين يوجهون ميليشياتهم بتصفية خصوماتهم بالدم، على نحو تورط احد زعماء الطوائف في حادثة اغتيال عبد المجيد الخوئي في ابريل2003 بعد عودته من منفاه الانجليزي لأسباب تتصل بموضوع التنافس على الزعامة الروحية.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 08-مايو-2024 الساعة: 12:05 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-62864.htm