صنعاء نيوز - حسن عبد الوارث‎

الخميس, 10-يناير-2019
صنعاء نيوز/ حسن عبد الوارث‎ -
فيما كنتُ أحثُّ الخُطى على البرزخ بين المراهقة والفكرة ، رحتُ أتساءل عن أمورٍ تخُصُّني وليست لي فيها يدٌ أو رأي .. أمورٍ وجدتُها ترتبط بي على نحوٍ حميمي من دون أن تكون من صنيعي .

اِسمي ، مثالاً . لماذا أحمل هذا الاسم بالذات دون سواه ؟ .. من أطلقه على شخصي غير ذي الحول والقوة ؟ .. هل هو يناسبني ، لي من صفته ، أو له من صفاتي ؟ .. ثم هل لي الحق في أن أستبدله بآخر من اختياري .. أم تراني أتركه كما أختاره أبي ؟ .. حتى أنني لم أكن متأكداً ما اذا كان أبي هو من أختاره لي ، حتى سألته مباشرةً ، فأجاب بالايجاب ، مُعلّلاً بأنه أستحسنه من حفنة أسماء ظل يُعِدُّها لأجلي منذ بضعة أعوام قبل مولدي !

كنتُ أتمنى لو كان اسمي " فاروق " . لا أدري لماذا ؟ . لقد أستحسنته مثلما أستحسن أبي اسم " حسن " . هو الاستحسان اذن ما جعل الأئمة الكبار ينتخبونه أحد مصادر التشريع السبعة في الاسلام . استحسان أمر على آخر كفيلٌ برفعه الى مرتبة الامتياز على صعيد الاختيار أو القرار عند المرء . مجرد الاستحسان . أن تستحسن طعاماً على آخر .. ملبساً .. عطراً .. لعبة .. مهنة .. هواية .. امرأة . ثم تأتي الممارسة أو المزاولة المباشرة لتبلغ مرحلة الادراك ما اذا كان ذاك الاستحسان في محلّه الصحيح ، أم أنه كان رواغ مصابيح ؟

ظلت علاقتي باسمي تتَّصف بالبرود ، بلغة العواطف .. أو بالتعاطي الاعتيادي ، بلغة الوقائع المادية . وأستمرت الحال على هذا المنوال ، برتابة شديدة تخلو من أية شُبهة تداعٍ أو انزياح ، لفترة غير قصيرة .. حتى جاء يومٌ كنتُ أشاهد شريطاً سينمائياً على جهاز التلفاز لممثلتي المفضلة حينها " هند رستم " .. وفجأة - وهي من الفجآت التي تحدث مرة واحدة فقط في تاريخ المجرَّة - نطقت " هند " اسمي ، نعم ، لقد حدث هذا فعلاً :
- سي حسن .
لا أدري ماذا حدث حينها . كل ما أتذكّره ، أو ربما أتخيّله ، أن الأرض قد زُلزلت تحت أقدامي ، وأن النجوم والكواكب والأفلاك كلها كانت تتطاير في الآفاق بسرعة قياسية ثم تتساقط بين أحضاني . لحظتها - فقط - شكرتُ أبي لأنه أستحسن " حسن " .. ومنذها أحببت اسمي ، ولازلت ، وسأظل الى الأبد .

------------------------------

( * ) ورقة من مخطوطة كتاب أنجزته مؤخراً بعنوان (( أوراق حسن البنّا السريَّة ))
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 03:00 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-64477.htm