صنعاء نيوز - المصدر: صنعاء نيوز

الأحد, 13-يناير-2019
صنعاء نيوز -

* مسمّى اليمن اليوم يضم تقريباً جميع الممالك القديمة في جنوب الجزيرة و أبرزها مملكة حضرموت و معين و سبأ وقتبان و أوسان و حمير.


* لم تكن تعني كلمة اليمن " يمنات " في الماضي ما تعنيه اليمن اليوم حيث لا تعدو كونها إقليماً من أقاليمها فقد كان يُلقّب ملوك سبأ و حمير ب " ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنات و تهامت" ، وهذا يعني بالضرورة أنها إقليم و لعل المراد منها اليمن الأعلى "الهضبة" .



* هذه الممالك كانت مستقلةً في الأصل عن بعضها وتتوحد في مراحل بشكل قهري عبر الضمّ و الإلحاق غالباً، وتفاوتت العلاقات بينها بالتحالفات تارة و الحروب أخرى.



* توحدت الممالك اليمنية على يد الملك السبئي كرب إيل وتر بعد حروبٍ مدمرةٍ أهلكت الحرث و النسل فقسم البلاد غنيمةً لمن حالفه في حربه لتوحيد ممالكها تحت سلطانه كما جاء في نقش النصر السبئي، كما وحّد الممالك القديمة أيضاً شمر يهرعش الحميري.


* الوحدة مفهومٌ جميلٌ إلا أني أراه يفقد جماله إن أتى قهراً و جبراً لأنه يصبح عندها ضمّاً و إلحاقاً و تضيع بهذا الفائدة الحقيقية من وراء الوحدة وهي تقوية دولتها باجتماع كلمة المتوحّدين.



* لأجل هذا كانت الوحدة في اليمن لا تدوم فبأدنى فرصةٍ تلوح يحدث الانقسام و التقسيم بل و تتحالف الأطراف المغبونة من الوحدة مع الخارج كما حدث في تحالف الأشاعرة و ذي الكلاع وذي ذبيان و حضرموت مع الأحباش ضد الملك الحميري يوسف إسار يثأر الذي أراد استمرار البلاد تحت الهيمنة الحميرية.



* الطبيعة اليمنية لا تقبل الضمّ و الإلحاق وأضرب مثالاً يجلّيه للقاريء : فلو أراد أخوك ضم أرضك و أملاكك لما يملك حتى يكون هو المتحكم و صاحب الأمر و النهي وعُذره توحيدُ الكلمة وجمع المُقدّرات و الطاقات فهل سترضى؟
الجواب بالطبع لا ، وإن فعلها فإنك ستتحالف مع الشيطان لاسترجاع حقك المسلوب ، وهذا عينه ما كان يحدث في اليمن قديماً و حديثاً .



* الوحدة التي تأتي على غير التراضي و الاتفاق لا تكون وحدةً بحال بل هي تدميرٌ للوحدة في نفوس الناس وتكريسٌ للانقسام و إضعافٌ للجبهة الداخلية فهي علاقة غالبٍ بمغلوبٍ ولا تطيب نفس المغلوب أبداً لغالبه و إن تقادم الزمان حتى تلوح له بارقة الانتقام و استرجاع حقه فيفعلها متى لاحت ، وهذا عندي هو التفسير الوحيد الذي أراه مقنعاً لضعف اليمن أمام الخارج وتسلُّط الأجنبي على حكمه ، فجبهتنا الداخلية ضعيفة جداً و متصدعة دوماً ولا تقوى على أي مواجهة .



* اليمن جغرافياً من حيث الجهات هو شمال و جنوب و شرق وقد كانت مخاليف اليمن في الإسلام ثلاث : مخلاف حضرموت و مخلاف الجند و مخلاف صنعاء ، فحضرموت على هذا ليست بشماليةٍ و لاجنوبيةٍ يقويه :



* أن محمية الشرق حضرموت بكل سلطناتها ( الكثيري - القعيطي - عفرار - الواحدي ) لم تكن عضواً في اتحاد الجنوب العربي الذي أسسته بريطانيا بل كانت تطالب بدولة مستقلة إلى أن تم ضمها بالقوة من قبل الجبهة القومية في الجنوب ، نبّهني على هذا مشكوراً المؤرخ و الباحث أمجد نعمان .


* ولهذا لم تستطع حضرموت النهوض لأنها أصبحت تابعةً لسلطة خارجية جنوبية و شمالية .



* إذا ما تجاهلنا توحيد اليمن من قبل الرسوليين باعتبارهم طارئيين عليها وجاؤوا بقوة من خارجها، فإن اليمن قد توحّد في الإسلام أربع مرات: أولها من طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي الحضرمي وابتدأ مسيرته من حضرموت يليه علي بن الفضل الجدني الحميري وابتدأها من يافع يليهما الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم ابتدأ من ضوران آنس وآخرهم علي عبدالله صالح وكانت من صنعاء.


* وفق التقسيم الثلاثي لليمن فإن الوحدة جاءت من الشرق مرة ( طالب الحق ) ومن الجنوب مرة ( علي بن الفضل ) ومن الشمال مرتين ( المتوكل و صالح) ، أما لو قسّمنا اليمن إلى شطرين شمال و جنوب فستكون الوحدة تحققت من الجنوب مرتين ومن الشمال مرتين.


* الوحدة الوحيدة التي كانت بلا أطماع في الثروة و النفوذ هي التي قام بها طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي الذي كان إباضياً وخرج ثائراً على الظلم الذي حلّ بالبلاد فوزع أموال الخزائن المكنوزة على الناس يوم غلب ، كما أن دولة وحدته هي الأكبر من حيث المساحة حيث تجاوزت اليمن فوصلت للحجاز .


* حضرموت هي أقدم الممالك القديمة في اليمن وهي سابقةٌ لمملكة مَعين على الأرجح بل هي من أسست مَعين فالملك الحضرمي صدق إيل هو ملك حضرموت ومعين .


* مملكة حضرموت هي أطول الممالك اليمنية عمراً حيث بدأت في حوالي ١٠٦٠ قبل الميلاد و استمرت إلى ٣٠٠ للميلاد ، ما يعني أنها جازت ال ١٣٠٠ سنة و لا تضارعها أو تقاربها أي مملكةٍ يمنيةٍ في هذا .



* مملكة حضرموت هي أكبر الممالك اليمنية مساحة فهي تمتد من مشارف بيحان غربا حتى المهرة و ظفار عُمان شرقاً ، أما باقي ممالك اليمن فلم تكن تملك هذه المساحة إلا في حال غزوها وضمها للمالك الأخرى أما أحجامها و مساحاتها الأصلية فكانت صغيرة جداً .



* مملكة حضرموت هي أهم مملكةٍ يمنية بلا منازعٍ ؛ لأنها مملكة اللُّبان الذي كان أهم سلعةٍ في العالم القديم فهو كالنفط في عصرنا ، أما باقي الممالك اليمنية فلم تحمل تلك الأهمية ، ولذا كانت أطماع الممالك اليمنية فيها كبيرة جداً كمملكتي سبأ و حمير.



* حضرموت هي المملكة القديمة الوحيدة التي بقي اسمها إلى عصرنا فقد ماتت أسماء الممالك القديمة من بقاعها فما عدنا نرى أرضاً اسمها سبأ أو قتبان أو أوسان أو حمير أو معين.



* إقليم حضرموت هو الإقليم الوحيد التي احتفظ باللغة القديمة أعني اللغة المهرية .


* حضرموت هي المصدر الأكبر للثروة النفطية و الغازيّة و السمكية فلا قيمة لليمن بغير حضرموت ولذا ينبغي أن يكون هذا الإقليم هو مركز الدولة و عاصمة الجمهورية اليمنية الاتحادية ، فلا يُعقل أن يكون مالك الثروة و المتحمّل لعبء نفقات الدولة تابعاً ، كما أنك لن تجد من يرضى بآزال أو عدن أو سبأ أو حتى الجند خزنةً يورّد لها الأموال فهم أطراف متصارعة أما تهامة فقد دخلت في خط الصراع مؤخراً كما أن الأطراف الأخرى ستخشى من وقوعها تحت تأثير آزال ، فلم يبق إلا إقليم حضرموت و محافظة المهرة تحديداً .



* الإنسان الحضرمي و سكان شرق اليمن تميزوا بطبيعةٍ مختلفة عن أهل جنوب اليمن و شماله ، فتجدهم سلميين و يكرهون القتال و يمتهنون التجارة بالسليقة ولهم قيمٌ العالية عُرفوا بها جعلتهم مناراً أينما حلّوا، فبفضل القيم الحضرمية انتشر الإسلام في شرق آسيا ، فالحضرمي أينما حطّ رحاله في الأرض اغتنى و ربا ماله وعلا جاهه، و لا أدلّ على هذا من علو كعبهم في عالم المال والأعمال في الخليج و شرق آسيا و أفريقيا حتى غدوا أباطرته .



* الحضرمي بنّاءٌ بطبيعته ولذا تجد البلاد التي تحمل أجواءاً طاردةً له بلادَ دمارٍ و خرابٍ و بوارٍ ، و بضدها يكون حال البلاد الجاذبة له فتجدها بلاداً عامرةً و مزدهرة ، وبه تعلم لماذا كان اليمن في التشطير و الوحدة أرضاً بواراً .


* تحديد العاصمة ليس بأمرٍ مقدّس أو وحيٍ من السماء حتى يتعصب الناس فيه ، فصنعاء و عدن لا يصلحان أن يكونا عاصمةً لدولة حقيقية نظراً لكونهما مدينتان واقعتان تحت الهيمنة القبلية و المناطقية و المليشياوية فأيُّ دولةٍ هذه التي ستقوم في كنف هكذا قوى؟! ، عدن و صنعاء لم يكونا عاصمة لأي مملكة قديمة من ممالك اليمن و إصرار البعض على مركزيتهما هو محاباةً لمصالح القوى التي تحكم صنعاء و تحكم عدن لا أكثر .


* جربنا التشطير وكان فاشلاً و جربنا الوحدة الاندماجية وكانت تعيسةً أيضاً ، كما جربنا عاصمة الجنوب عدن و عاصمة الشمال صنعاء و كانتا مشؤومتين ، بقي أن نجرب الدولة الاتحادية و الشرق عاصمة - إقليم حضرموت - ، فالصيغة الاتحادية تعطي استقلالية القرار و الحكم للأقاليم و تنظّم توزيع الثروة بين الإقليم و الحكومة الاتحادية .
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 24-أبريل-2024 الساعة: 11:45 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-64507.htm