صنعاء نيوز - كتب/ عبدالله ناصر بجنف

الخميس, 07-فبراير-2019
صنعاء نيوز/ كتب/ عبدالله ناصر بجنف -
محمد مرشد ناجي من مواليد الشيخ عثمان في محافظة عدن في 6 نوفمبر 1929, توفى في إحدى المستشفيات في العاصمة الأردنية عمّان في يوم الخميس 7 فبراير2013 , تاركا لكل الأجيال مجموعة قيمة من أجمل الأغاني الوطنية والعاطفية والتراثية والتي مازلنا نستمع لها, تحمل مضامين عميقة تعبر عن الأحاسيس والهواجس ولحظات الفرح والحزن والشوق والحنين , كان من اوئل المطربين التي تحولت أغانيه الوطنية والحماسية إلى سلاح فكري فعال لرفض استمرار الوجود الاستعمار البريطاني في عدن , نتذكر بعض من تلك الاغاني منها ( أنا الشعب زلزلزلةٌ عاتية) من كلمات حسن السقاف وقائد الجيش البريطاني مسيكين ارتبش, من كلمات الفنان محمد سعد عبدالله , أخي كبلوني من كلمات الشاعر لطفي جعفر أمان , يا ابن الجنوب من كلمات الشاعر محمد سعيد جرادة . بعد رحيل الاستعمار , عاصر المرشدي مراحل الصراعات الأيديولوجية والدموية في عموم اليمن , ترك وطن مازال محاصرا بين التيارات المتلاطمة وعاجزا الخروج من هذا النفق الطويل , وطن لم تضمد جراحه بعد.

في منتصف السبعينيات من القرن العشرين كنا نحضر بعض الحفلات الغنائية للمرشدي ولمطربين أخرين في المسارح الشعبية المتواضعة في احياء عدن , كان شيء طبيعي التواصل المباشر بين الجمهور والفن كما ان اذاعة عدن منذ تأسيسها في17 أغسطس عام 1954 أسهمت في صعود وشهرة أغلب المطربين في تلك المرحلة. كما اتذكر حضوري ذلك التجمع الاحتفالي في عام 1979 في ساحة معرض المعارض في المعلاء حيث اداء المرشدي اغنية نشوان من كلمات الشاعر سلطان الصريمي, كانت مرحلة معقدة شهدت مواجهات مسلحة بين الجنوب والشمال .

المرشدي , أطربنا بروائع الكلمات الأصيلة والهادفة للعديد من الشعراء اليمنيين والعرب كما تميز بادائة الرائع لبعض الأغاني منها أراك طروبا من كلمات معاوية بن يزيد ويا جارةَ الوادي من كلمات أمير الشعراء العرب , أحمد شوقي . الحديث عن المرشدي هو الحديث عن الموسوعة الغنائية اليمنية, فقد أجاد العديد من ألوان الغناء اليمني منها العدني , الصنعاني , الحضرمي , اليافعي واللحجي , كما امتلك ثقافة غزيرة ساعدته على معرفة خفايا عالم الطرب والموسيقى والشعر, له دراسات قيمة منها كتاب الغناء اليمني القديم ومشاهيره والذي صدر طبعته الأولى في عام 1983 وكتب مقدمتها الأديب والشاعر الدكتور عبدالعزيز المقالح وهي من بين ابرز المراجع للتعرف على جذور ونشؤ وتطورالأغنية اليمنية في مختلف المراحل التاريخية. خالد احد ابناء محمد مرشد ناجي , كان من زملاء الدراسة في منتصف السبعينيات من القرن العشرين في المدرسة الغربية , حاليا مدرسة عبدالله حاتم في الشيخ عثمان , بعض الأحيان كان يردد بعض أغاني والده . أبوعلي كان وفيا لوطنه ولجمهوره الذي وجد فيه واحة واسعة يخاطبهم فيها بالنغمة واللحن الشجي , تمتزج فيها روعة الأداء ورقة الكلمات والصوت .

المرشدي , فنان ذو ثقافة واسعة وجد في الكلمة والاغنية نافذه للوصول إلى جمهوره بكل سهولة وهو من قلائل الفنانين في الوطن العربي والذي تميز بنكران الذات, لم يحظى بالاهتمام والرعاية التي يستحقها وهذامايحدث مع الكثيرين من المبدعين في مجتمعاتنا العربية, لهذا نتوجه الى جهات الاختصاص بان تخلد ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻷﺩﺒﻲ والفني لحكيم الاغنية اليمنية عبر تشييد مبنى رئيسي مستقل يتم فيه دمج مركز المرشدي الثقافي للفنون والتراث والذي انشأه المرشدي في منزله في حي ريمي في المنصورة وتوثيق تاريخه الفني الغزير والذي تجاوز أكثر من 200 أغنية خلال مشواره الطويل في عالم الطرب والذي امتد لأكثر من 60 عاما وكذلك تأسيس موقع إلكتروني لهذا المركز يتم فيها تحميل أرشيف متكامل لكل إبداعات المرشدي الغنائية والأدبية وتحويل النسخة الورقية من كتاب الغناء اليمني القديم ومشاهيره إلى نسخة إلكترونية لتكون في متناول الجميع وهي فرصة كبيرة ايضا من جعل هذا المركز إلى بوابة للتعريف بتاريخ وواقع الأغنية اليمنية والتي تحتل الريادة في الجزيرة العربية والخليج. لقد عاش المرشدي فنان وفياً محافظاًعلى أصالة الأغنية ونقاوة الكلمة وقد غادر هذه الدنيا بصمت. المرشدي هذا الصوت الأبدي في ذاكرة الجميع.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 25-أبريل-2024 الساعة: 04:47 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-64806.htm