صنعاء نيوز - الدكتور عادل عامر

الثلاثاء, 14-مايو-2019
صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
وبعد ان تنتهي المحكمة من مناقشة تقرير الطبيب الشرعي تضع هذا الدليل في ميزان الادلة لمعرفة قيمته القانونية وما اذا كان يكفي لمفرده للأثبات الجنائي أم يحتاج الى تعزيز الادلة الاخرى فالخبرة الطبية الشرعية تخضع ابتداء الى تقدير قوة الاثبات للدليل العلمي المستمد من الخبرة الطبية الشرعية ومدى صلاحيته للاستناد اليه في الحكم ،

هذا وان الاثبات الجنائي يختلف عن الاثبات المدني فالتشريعات الجنائية لا تحدد الادلة لان المشرع الجنائي يأخذ بمبدأ حرية القاضي في الاقناع، ولا يحدد أدلة الاثبات حصريا وهذا عكس ما هو في الاثبات المدني الذي يحدد في التشريعات المدنية ، وهذا يعني ان الادلة الاثبات المدني حددها المشرع المدني على سبيل الحصر.

هذا وتعتبر الخبرة الطبية التي تناط بالأطباء الشرعيين من ابرز انواع الخبرة وذلك للدور الذي تلعبه في العديد من المسائل الفنية ففي الوقت الحاضر ازداد الاهتمام بها في الاثبات الجنائي وذلك بسبب التطور العلمي والفني في كافة جوانب الحياة ومن بينها الجريمة اذ اصبح الكثير من مسائل الاثبات منظماً بمقتضى قواعد علمية او فنية

ان الخبرة الطبية الشرعية رغم اهميتها في استجلاء المسائل الفنية والعلمية امام انظار المحكمة الا ان المحكمة غير مقيدة بالأخذ بتقرير الطبيب الشرعي ولها ان تعدل عنه كما ان للمحكمة والخصوم مناقشة الطبيب العدلي عند تقديم تقريره وابداء اوجه الطعن به .

بعد ان ينتهي الطبيب العدلي من اداء مهمته يقدم تقريراً بتلك المهمة الى المحكمة التي قررت انتدابه لأبداء رأيه في المسألة الفنية والعلمية المعروضة امامها في الدعوى الجنائية وان النتائج التي تضمنها ذلك التقرير وان كانت ذات طبيعة فنية وعلمية فان التقرير المذكور يخضع كباقي الادلة من امكانية مناقشته والاعتراض على ما انتهى اليه من نتائج ،اما الجهات التي لها حق الاعتراض فهي المحكمة او النيابة العامة او اطراف الدعوى الجنائية إن التقارير الطبية هي محررات تتمتع بقوة الإثبات وتترتب عليها آثار قانونية بما تحويه او تصوره او تعبر عنه من وقائع ، وعليه لا بد أن يكون الطبيب متخصصا في مجال الطب التشخيصي ومقيدا بجداول النقابة ، أي إن الطبيب غير المرخص له لا يسمح له بكتابة تقرير طبي وإذا وَقع تقريرا في هذا الشأن يكون مشوبا بالبطلان .

وينبغي أن يكون الطبيب الموقع على التقرير مختصا من الجانب الموضوعي بأنواع الإصابات التي يقوم بالكشف عليها ويقدم تقريرا عنها ، وعلى هذا الأساس يمكن تحديد أهمية التقارير الطبية في النواحي الآتية:

1- التقارير الطبية غالبا ما تكون لازمة لتعزيز أدلة الإثبات باستكشاف آثار معينة للجريمة في جسم المجني عليه ووصفها مثل آثار هتك العِرض او مقاومة الضحية إثناء قتلها او خطفها .

2- التقارير الطبية لها آثار في تحديد الاختصاص بمحاكمة المتهمين كما يحدث عند تقدير الطبيب لسن المتهم الحدث .

3- للتقارير الطبية أثرها الموضوعي في تقرير مبدأ المسؤولية الجنائية ذاته كالتقارير الخاصة بتقدير الحالة العقلية للمتهم او سنه عند عدم وجود وثيقة رسمية بلا شهادة ميلاد . 4- للتقارير الطبية أثرها في تحديد جسامة الفعل الجرمي ومدى خطورة نتيجته من وجهة نظر القانون ، كما في جرائم الجرح والضرب المفضي إلى الموت .

5- للتقارير الطبية أثرها في إظهار ظروف مشددة للعقاب عن الفعل الجرمي او تغير وصف الجريمة من جنحة الى جناية كالتقارير التي تثبت وجود آثار مقاومة او عنف او اعتداء كما في جريمة السرقة بالإكراه وهتك العِرض بالقوة .

6- للتقارير الطبية آثارها في جلاء رابطة السببية بين الفعل الإجرامي والنتيجة الضارة كما في وقائع الضرب المفضي إلى الموت او عاهة مستديمة .

7- للتقارير الطبية أثرها في تحديد الوصف القانوني للإصابة وما نشأ عنها من نتائج جرمية يتفاوت العقاب عليها باختلاف جسامتها .

ليس من السهل نسبة أية وفاة إلى العمل الجنائي قبل إتمام كل التحقيقات والأبحاث التي تؤكد الأمر ، أو التي تستبعد الوفاة الطبيعية أو تلك التي نتجت عن حادث أو عن عمل انتحاري . والطبيب يجب أن يكون بين أول الوافدين إلى موقع الحدث ، حيث ستتوفر له الفرصة المناسبة لمعاينة المحيط وملاحظة وضعية الجثة ولباسها والخصائص الأخرى ، وإذا كان عليه التأكد من الوفاة فعليه فعل ذلك بأقل تحريك ممكن للجثة أو إجراء أي تغيير في وضعيتها ، ويمكن أخذ درجة حرارة الشرج ودرجة حرارة المحيط ، وإذا حدث أن وجد سلاحاً ما في المحيط فيجب بعد أن يقوم الخبراء بمعاينته ورفع البصمات عنه يمكنه أن يتدخل هو لإجراء معاينة للسلاح .

وهكذا فإنه يجيب :

– أن لا نذهب إلى مسرح الحادث وفي ذهننا تصور مسبق حول سبب الوفاة .

– أن لا نستعجل الوصول إلى نتيجة ما ، بل نترك التفسير حتى تكتمل المعاينة بشكل دقيق . - من المسلم به أن التقرير الطبي من حيث طبيعته هو إجراء مساعدا للقاضي وهو دليلا وقرينة مرتبطة بالدعوى

ومن المسلم به أن للقاضي الرقابة القانونية الشكلية والموضوعية في التقرير الطبي والرأي الفني فيه فهو الخبير الأعلى في الدعوى من حيث الشكل والموضوع - فمن ناحية الموضوع وهى ليست محل بحثنا لذا نقول في عجالة بشأنها مقدما أن القاضي عليه تقدير الدليل أو اطراحه رغم قطعيته فنيا وذلك عندما يرى أن وجوده لم يكن بالشكل المتطلب قانونا أولا يتسق منطقيا مع ظروف الواقعة وملابساتها - وأما رقابه القاضي الشكلية على التقرير الطلب هي التي تجعله يبحث فيما اشترطه القانون شكلا بشأن شروط التقرير الطبي وهذه الشروط هي :-

(1) في مرحلة جمع الاستدلالات :-

- لا قيد علي مأموري الضبط القضائي في الاستعانة بالخبراء ودون تخليفهم اليمين إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماع الشهادة بيمين وذلك كله عملا بالمادتين 24 ، 29 أ0ج ويكون للتقرير الطبي هنا قيمة الاستدلالات 0

(2) في مرحلة التحقيق :-

- لا يجوز الاستعانة بالخبراء إلا بأمر ندب من سلطة التحقيق يخاطب به مصلحة الطب الشرعي وخبرائها اللذين قد حلفوا اليمين إبان توليهم وظيفتهم العمومية ، وتحدد مأمورية الخبير ومدة تنفيذها إن أمكن فتودع مذكره بالتقرير والرأي الفني وفق قرار التكليف بالمأمورية - وهنا التقرير الطبي ليس من قبيل الاستدلالات فهو من أعمال الخبرة وحاصلا من السلطة القائمة بالتحقيق 0

وأما عن التقرير الطبي الاستشاري

فأري عدم جواز قبوله شكلا كدليل او قرينه في الدعوى الجنائية. لما يلي :-

1 – طلب اللجوء إلى خبير استشاري في مرحلة التحقيق:-

- إن لجوء أحد الخصوم إلى الخبير الاستشاري في مرحلة التحقيق ينطوي على اعتراض على تقرير الخبير المكلف بأمر ندب - وعليه فلا بد وأن يطعن طالب الخبير الاستشاري على تقرير الخبير المعين بالتزوير المعنوي وتغيير الحقيقة عملا بالمادة 295 ا 0 ج وحينئذ يكون له طلب الخبير الاستشاري وعليه انتظار الرد - لأنه ليس له اللجوء من تلقاء نفسه إلى خبير استشاري لكون هذا ينطوي على تجاوزا على سلطة التحقيق – فقد تقرر إعادة الفحص بلجنة ثلاثية أو بخبير آخر علما بان القانون لا يلزمها ولاسيما وأن الطعن بالتزوير في تقرير الخبير أو غيره أمرا ليس من النظام العام .

- وجديرا بالذكر أن طلب اللجوء إلى خبير استشاري مخولا للمتهم وحده عملا بالمادة 88 أ0 ج.

2 - أما وان كان طلب اللجوء إلى خبير استشاري مطلوبا من المحكمة:-

1 - فان هذا الطلب مخولا للمتهم وحده عملا بالمادة 88 أ 0 ج -

إلا أنه يمكن أن يكون لغيره إن صرحت المحكمة بذلك علاوة على اقتران الطلب بالطعن بالتزوير على تقرير الخبير المعين عملا بالمادة 295 أ 0 ج - وعليه فلا يمكن قبول تقريرا بالدعوى لم تصرح المحكمة بإجرائه - وجديرا بالذكر أيضا أن الطعن بالتزوير على تقرير الخبير ليس بملزم للمحكمة - فضلا عن أن لها أن تأخذ به من عدمه لكون الطعن بالتزوير ليس من النظام العام وهو دفعا جوهري يخضع لتقرير المحكمة فقد تجيبه بإعادة الفحص بلجنة ثلاثية أو خبير آخر وقد لا تجيبه 0

2 – أنه مما لا شك فيه أن لجوء أحد الخصوم إلى طبيبا شرعيا استشاري من تلقاء نفسه في أيه مرحلة كانت عليها الدعوى قلنا أنه ينطوي على تجاوزا للسلطة القضائية المنوطة بالمرحلة التي عليها الدعوى - فضلا عن أن الخبير الاستشاري بذلك لم يصدر له أمرا بالندب وبالتالي لم يحلف اليمين ولا يمكن قبول القول بالاعتداد بيمينه حينما كان متوليا الوظيفة العامة قبل تركها أو إحالته إلى المعاش.

3 – ومما لا شك فيه أن الخبير الاستشاري يقوم على العمل بتكليف واتفاق ومقابل مادي من طالب الكشف – وهذا أمرا فيه علاقة بين الخبير و طالب الكشف ولا يمكن قبوله ؟؟

وعليه أري عدم جواز قبوله شكلا كدليل أو قرينه في أيه مرحله تكون عليها الدعوى الجنائية.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 11:38 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-65846.htm