الأحد, 06-أكتوبر-2019
صنعاء نيوز - الدكتور عادل عامر

لقد أصبحت الإنترنت هي الجهاز العصبي المركزي في المجتمع. ولنتأمل كيف أن كل قطاع من قطاعات البنية التحتية الحرجة صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -

لقد أصبحت الإنترنت هي الجهاز العصبي المركزي في المجتمع. ولنتأمل كيف أن كل قطاع من قطاعات البنية التحتية الحرجة يتوقف على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. فهذه القطاعات تخضع لسيطرة أنظمة الرقابة الإشرافية وحيازة المعلومات وغير ذلك من عمليات تكنولوجيا المعلومات المعقدة التي تتصل بطريقة أو بأخرى بالإنترنت.

وعلى سبيل المثال، تستخدم المستشفيات والمراكز الطبية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كل الأمور بدءاً من التحرك في حالات الطوارئ ووصولاً إلى أنظمة دعم الحياة.

وقطاعات النفط والغاز والنقل تستخدم أنظمة ملاحية وأنظمة عمليات معقدة محوسبة بالكامل كما أن الشركات المالية تعمل من خلال أنظمة المدفوعات الإلكترونية والتجهيز الإلكتروني. وتعتمد الحكومات على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتقديم الخدمات وإدارة العمليات عبر مناطق جغرافية متنوعة والحفاظ على السلامة العامة وحماية أراضيها.

ويعتمد قطاع الأعمال على الأنظمة الحاسوبية التي تُدير سلسلة التموين وعلاقات العملاء والتدفقات المالية وتؤدي وظائف الصناعة التحويلية. ونظم الاتصالات وشبكات المرافق هي الأخرى عناصر بنية تحتية "ذات أهمية حرجة فائقة" ويتوقف عليها كل ما عداها.

وقد أصبحت الإنترنت الآن تتصل اتصالاً عضوياً بكل وظائف الحياة اليومية وبحياة الأفراد. وتؤدي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات دورها سواء كان ذلك على صعيد العمل أو التعلم أو اللهو. وتمكن الإنترنت من نشر المعارف والمعلومات بشكل غير مسبوق في تاريخ العالم. كما أن قوة التشابك الاجتماعي تربط بين السكان وتؤثر عليهم بطرق منفصلة تماماً عن الحكومات وبطريقة لا تتوقعها هذه الحكومات بالمرة.

فقد أتاحت تمكين الفرد والتوسع الذاتي ونشر أفكار غير مألوفة عن طريق آلية لا تتأثر في معظمها بالحدود أو بالاعتبارات الدبلوماسية أو السياسية. واليوم يستطيع أي فرد أن يؤثر بسرعة على المفاهيم والقيم والأفكار والتحيزات من خلال قدرتهم على إنشاء محتوى وتوزيعه على صعيد عالمي.

ولكن شيوع الإنترنت قد أنجب أيضاً أنشطة إجرامية وأنشأ طرائق جديدة لجمع معلومات الاستخبارات والنزاع. وتفتح نقاط الضعف التي تنطوي عليها أنظمة التشغيل والبرمجيات والأوضاع الأمنية الباب لإمكانية القيام بأعمال تهدد الخدمات الأساسية المقدمة للسكان المدنيين وتسهل التجسس الاقتصادي وتؤثر على عمليات الحكومة. فهناك الفيروسات والديدان وهجمات منع الخدمة الموزعة وسرقة البيانات المشمولة بحقوق الملكية والرسائل الاقتحامية والتدليس، وكلها تقوض مصداقية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وقدرة المجتمعات والاقتصادات على العمل.

وتحسّن برامج الأمن الفعّالة قدرة الأنظمة على استعادة الحيوية وتساعد في اكتشاف هذه الإجراءات ومنعها والتخفيف من آثارها. وتساعد الإضافات التكنولوجية والابتكارات الجديدة على صد وتتبع الهجمات كما أن القوانين المنسقة بشأن الجريمة السيبرانية تنهض بالتحقيقات وتقديم المجرمين السيبرانيين إلى القضاء. ويتعين القيام بالكثير من العمل في كل مجال من هذه المجالات ولكن المشكلة الأكثر خطورة والتي قد تنطوي على أكبر قدر من التدمير هي قيام الدول باستخدام هذه التكتيكات لشن نزاع سيبراني.

وهناك الآن أمثلة عديدة توضح كيف يمكن أن تمتد الن‍زاعات السياسية والعسكرية إلى الفضاء السيبراني وبذلك تقوض فعلياً الثقة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتثير مخاطر جدية. ويرد وصف بعض هذه الأمثلة في الفصول التالية من هذا المنشور.

وقبل ظهور مجتمع المعلومات كانت القوة والقيادة عادة من نصيب أصحاب السلطة السياسية والتفوق العسكري والهيمنة الاقتصادية.

وكانت الدول والمنظمات الدولية تفرض القواعد والقيم الاجتماعية كما كانت الن‍زاعات المسلحة تحكمها قوانين ومعاهدات تستند إلى وحدة الأراضي والقدرات الدفاعية براً وجواً وبحراً. أما اليوم فقد غيرت الإنترنت جذرياً من هذا التوازن في القوة. وتاريخ الإنترنت نفسها يوضح أكثر من غيره هذه النقطة.

إن الأحداث العالمية يمكن أن تشكل عوامل حفز هامة. ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية كانت أمريكا تواجه نوعاً جديداً من الأعداء: الحرب الباردة والشيوعية وتهديدات الضربات النووية. واستجابة للقلق بشأن التفوق العلمي السوفيتي بعد إطلاق القمر الصناعي سبوتنك، وهو أول ساتل صناعي حول الأرض، قام الرئيس آيزنهاور بإنشاء وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة في وزارة الدفاع لتنسيق كل الأعمال البحثية التكنولوجية للولايات المتحدة. وتم تعيين ج. س. ر. ليكلايدر من معهد مساتشوستس للتكنولوجيا لرئاسة برنامج الأبحاث الحاسوبية في وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة. وقبل ذلك ببضعة أشهر كان ليكلايدر

 حتى مطلع الستينات لم يكن هناك تنظيم متكامل للحرب الإليكترونية سوى في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي سابقا أما باقي الدول المتقدمة فقد أنشأت وحدات فرعية في بعض أفرعها الرئيسية وخاصة قواتها الجوية والبحرية

سبقتنا إسرائيل في إدخال وسائل الحرب الإليكترونية وظهر أثر ذلك في حرب يونيو 1967 وقد أمنت القيادة السياسية المصرية بعد نهاية حرب يونيو

بضرورة دخول مصر مجال الحرب الإليكترونية فقد أنشئ سلاح الحرب الإليكترونية المصرية تحت ضغط أعمال القتال في أوائل عام 1968 كفرع أعمال إليكترونية مضادة تابع لرئيس أركان حرب القوات المسلحة

وتم تحويله ليكون إدارة الحرب الإليكترونية ضمن أجهزة القيادة العامة في (العشرين من يناير 1970) وعلى الفور بدأت أعمال التخطيط لإدارة أول حرب إليكترونية بمفهومها الشامل لتأمين ومعاونة القوات أثناء تنفيذها لمهامها في حرب أكتوبر المجيدة.

لم يتم هذا النجاح المبهر وتظهر هذه الصورة بالبانورامية البراقة في افتتاح الحرب من دون دور الحرب الإليكترونية المصرية والتمهيد الإليكتروني الذى لا يمكن إغفاله في نجاح الضربة الجوية الأولى التي أعطت أولى بشائر النصر العظيم والتمهيد النيرانى القوى حيث قدمت القيادة العامة خريطة إليكترونية لموقف العدو موضحاً بها مراكز القيادة والسيطرة ـ محطات الرادار ـ ومراكز التوجيه وبطاريات الصواريخ الأرض جو المعادية من طراز هوك كما انها قامت بأعمال الإعاقة الإليكترونية ضد ووسائل الاتصال المعادية للإقلال من كفاءة توجيه العدو لطائراته لاعتراض هجماتنا الجوية ..

كما كانت الهجمات الجوية المصرية على مراكز القيادة والسيطرة في ام مرجم وأم خشيب عملا مخططا لتدمير المراكز الإليكترونية الضخمة في سيناء فقد قام العدو بزرع أكبر مراكز إليكترونية للتجسس والشوشرة الإليكترونية والتنصت على الاتصالات المصرية ولقربها النسبي من قناة السويس فقد كانت تشكل خطورة بالغة على أعمال القوات المصرية فقد كان الإسرائيليون من باب الثقة والتمكن يقولون عنها انها (تستطيع قراءة الأفكار فى راس الله) فكان لزاما أن تكون هذه المواقع على قائمة الأهداف المرشحة للضربة الجوية الأولى وتم تخصيص طلعات بقاذفات التوبوليف 16 لسحقها بصواريخ الكيليت الثقيلة جو / أرض لضمان تسويتها بالأرض وقامت بقية الطائرات المصرية بضرب 10 مواقع أخرى لصواريخ هوك الأمريكية أرض / جو

وهناك حاجة عاجلة في الوقت الحاضر. فالخطى السريعة التي تُقيم بها البلدان القيادات السيبرانية وتوسع قدراتها العسكرية لتشمل النزاع السيبراني يجب أن تتوازن باتفاق بين الدول يعترف بوجود مستوى جديد من "الحد الأدنى الجوهري من الخدمات" التي تحظى بالحماية من الن‍زاع.

وهذا الإجراء سيمنع التدمير والمعاناة بدون داع بين المشاركين في النزاع وسيؤدي إلى حماية البلدان الأخرى غير المشاركة من الضرر. ووجود هذا المستوى من الاستقرار الجيوسيبراني أمر حيوي، لكي لا تضيع فوائد الإنترنت في خضمّ قوى التكنولوجيا المدمرة. والمنظمات المتعددة الجنسيات هي نقطة البداية المنطقية. ويجب عليها أن تبدأ بتحديد المستوى الأدنى من استقرار البنية التحتية والاتصالات المطلوب لحماية المدنيين الأبرياء والحفاظ على الوظائف المجتمعية الأساسية،

وكفالة ذلك من خلال اتفاقات دبلوماسية وسيادة القانون. وسوف يتطلب ذلك مدخلات من مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة، بمن فيهم الأفراد والصناعة والمجتمع المدني والدوائر الأكاديمية والمحامون وخبراء السياسة العامة والجهات المستجيبة الأولى وجهات إنفاذ القانون.

وبهذه الطريقة يُمكن أن توفر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإنترنت إطاراً دولياً إيجابياً للتعاون بين البلدان وأن تؤديا إلى تحسين الفهم وقبول قيم ثقافية واجتماعية مختلفة في أنحاء العالم.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 07:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-67783.htm