صنعاء نيوز - يعد إرتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع، دﻻلة على تدني الرقابة الحكومية، وضعف القانون، وغياب التشريعات، وسيادة

الخميس, 21-نوفمبر-2019
م/يحيى القحطاني. -

يعد إرتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع، دﻻلة على تدني الرقابة الحكومية، وضعف القانون، وغياب التشريعات، وسيادة مبدأ الفردية، بديﻻ عن العمل المؤسسي والشفافية، بما يؤدي إلى إستغﻻل الوظيفة العامة وموارد الدولة، من أجل تحقيق مصالح فردية أو مجموعاتية.

على حساب الدور اﻷساسي للجهاز الحكومي، وبما يلغي مبدأ العدالة، وتكافؤ الفرص، والجدارة، والكفاءة والنزاهة، ويعتبر الفساد آفة على المجتمع المعاصر، وهو ظاهرة وبائية، يدمر النفس البشرية، ويهدم القيم واﻹخﻻق، ناهيك عما يسببه من شلل، في عملية البناء والتنمية اﻹقتصادية.

وإن اﻵثار المدمرة والنتائج السلبية، لتفشي الفساد المالي واﻹداري، تطال كل مقومات الحياة، فيهدر اﻷموال، والثروات، والوقت، والطاقات، ويعرقل أداء المسؤوليات وإنجازالوظائف والخدمات، وبالتالي يشكل منظومة تخريب وإفساد، ويسبب مزيداً من التأخير، في عملية التنمية والتقدم للمجتمع.

واصبح الفساد في بﻻدنا المنكوبة مستفحل، وينافس كل مستويات الفساد في العالم، حيث لم يبق الفساد محصورا، في فئات محدودة ومعينة بذاتها، بل شمل كل المستويات، من البواب إلى الوزير، وهناك مسؤولون كبار وصغار فاسدون وغارقون، في جعل اليمن "دولة فساد بإمتياز".

فإذا سألت أي مواطن يمني، يمر في الطريق العام عن الفساد، فسيصدمك بقولة وبدون تردد، بأن الفساد في اليمن، بات مثل الماء والهواء والجوع والفقر والمرض، المنتشر في كل ربوع اليمن، بسبب غياب الرقابة والمحاسبة، وعدم تطبيق القوانين الرادعة، لذلك فماذا تنظر من ذلك الموظف، الذي يرى المسئول الأكبر في وزارته فاسدا؟.

إنه الفساد الذي أهلك الحرث والنسل، وشرد اليمنيين في كل بقاع العالم، وتسبب في مزيداً من التأخير في عملية التنمية والتقدم، ليس على المستوى اﻹقتصادي والمالي فقط، بل في الحقل السياسي، واﻹجتماعي، والثقافي، واﻹخﻻقي.

في بيئة تواطأت وتعايشت مع رموز الفساد، بيئة ما تزال تعتبر الفاسد رجلا ثوريا "ثورة الفقراء والكادحين"، يأخذ من أجل الفقراء، ويحارب الظلم والقهر، فساد يغيرلونه يومياكالحرباء، إنه الوجه الكاذب والمغالط، التي دخل فيه عامة الناس وخاصتهم، فكل واحد يحلف بأغلظ الأيمان، أنه لو تتاح له الفرصة في عملة، لنهب وسرق أكثر من الفاسد.

هذا الفساد الذي يتعايش معنا صباحا ومساء، قديما وحديثا منذ عشرات السنين، وﻻ يزال يسرح ويمرح في بﻻدنا إلى يومنا هذا، بدون حسيب أو رقيب، فساد سرطاني، تفشى بصورة مرعبة، في البر، والبحر، والجو، وحول حياتنا إلى جحيم، وحول اليمن إلى دولة فاشلة بإمتياز.

هذا الفساد السرطاني، الذي ينهب اﻷموال من بطون الجياع، له آثار مدمرة على اﻷرض واﻹنسان، وله عواقب وخيمة على النواحي السياسية، واﻹجتماعية، واﻹقتصادية، ويهدد قوة ومكانة أية دولة في العالم ويضعفها، ﻷنه يغير من سلوك الفرد، الذي يمارسه، ويجبره للتعامل مع اﻵخرين بدافع المادية والمصلحة الذاتية، دون مراعاة لقيم المجتمع وللمصلحة العامة.

وما قرارات التعيينات في الوزارات، والهيئات، والجامعات، والتي كانت وﻻ زالت تصدر يوميا قديما وحديثا، بغياب المعايير الموضوعية، والتوصيف الوظيفي، في المناصب القيادية، والتسييس في مجال العمل، واﻹقصاء للكفاءات، بدﻻ من اﻹكثار منها، ومحاربة الناجحين، وعدم تطبيق مبداء الثواب والعقاب، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

وإذا ظل لصوص المال العام في اليمن، الرجعيين منهم والثوريين، ناجحون في نهب أموال الدولة والشعب اليمني، وتهريبها إلى خارج الوطن، متخذين شعار من لم يغتني بهذه المرحلة، فسوف يفوتة القطار ويعيش مدى الدهر، بين الحفر أو بين المنزلتين( الفقر أوالخنوع)، واليمنيين لم ولن يرو حربا ضد الفساد والفاسدين، ولم ولن تكون لديهم تنمية، وﻻ تطور أو تقدم، ﻷنهم مدبرين منذ وﻻدتهم وحتى مماتهم.

وسيكون من الصعب إنقاذ اليمن وتطويره، من براثن الفساد المقنن، سواء سياسيا، أو ماليا، أو حتى إداري، والتي عشش فيه الكساد والفساد، وفقدان النزاهة الشخصية بإرادة تامة، بل بات يشرع له ويحصن، في سلسلة قوانين، تجعل أهل الثقة محل أهل الكفاءة، وأصبح توزيع المناصب العليا، والترقي فيها، مرهون بالعمل، لصالح الجماعات واﻷحزاب بمختلف مسمياتها وتنوعاتها، التي عينته في المنصب وينتمي إليها.

ولكي تنجح الدولة في مكافحة الفساد، ويعيش الشعب اليمني في وطن آمن وخالي من الفساد والفاسدين، يجب تشديد العقاب على المخالفين والتشهير بهم، وتطبيق القانون على جميع المسئولين كبيرهم وصغيرهم بدون إستثناء، وأن يتم إختيار الموظفين النزهاء، من ذوي الكفاءات المهنية واﻹختصاص، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني والكتاب والصحافيين، في محاربة الفساد والفاسدين، وفي تقديم الحماية للمواطنين والشهود، الذين يبلغون عن الفساد.

اماإذا تحول موضوع محاربة الفساد والفاسدين، إلى شعارات وخطب رنانة، وصناديق وأرقام تلفونات للشكاوي، وأجهزة وهيئات رقابية شعارهم فقط(بدنا صيت ما بدنا مكسب)، و(شيخوني وأبيع البقرة) ليس إﻻ، فإن مسلسل إنتشار الرشوة والمحسوبية، وهدراﻷموال، والثروات، والوقت، والطاقات، سيستمر، وستبقى أزماتنا وأوجاعنا وامراضنا مستمرة إلى ما شاء الله، والله من وراء القصد.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 16-أبريل-2024 الساعة: 09:31 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-68437.htm