صنعاء نيوز - د. محمود البازي
وبعد مرور أقل من سنتين على اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، تحرّكت بريطانيا ضد السعودية وفرضت عقوبات ضد 20 شخصية سعودية

الخميس, 09-يوليو-2020
صنعاء نيوز/ د. محمود البازي -


وبعد مرور أقل من سنتين على اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، تحرّكت بريطانيا ضد السعودية وفرضت عقوبات ضد 20 شخصية سعودية متورطة بعملية الإغتيال. تَظهر هذه الخطوة كخطوة غير مسبوقة من حيث تحرك بريطاني منفرد خارج إطار الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وهي من الناحية النقدية، تعتبر خطوة جيدة نسبياً، ولكنها بنفس الوقت خطوة مشكوك بأمرها من حيث الأهداف والنتائج.
تمّ اغتيال الصحفي جمال خاشقجي بطريقة بشعة للغاية في قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا، وتجري محاكمة هؤلاء القتلة في كل من تركيا والسعودية. إلّا أن المحاكمات السعودية مبهمة ولا تظهر شفافية مطلوبة لمثل هذه القضايا الحساسة. فإلى اليوم لا يزال مصير الجثة مجهول وتمتنع السلطات السعودية عن الإفصاح عنها. كما يشوب الأحكام غموضا لا متناهيا بالنسبة للمجرمين الذين ارتكبوا هذه الجريمة البشعة، لا بل تتحدث تقارير عن عودة القحطاني (أحد الأفراد الذين وردت أسمائهم في قائمة العقوبات البريطانية) إلى عمله وانخراطه شخصيا بتعذيب الناشطات السعوديات (لجين الهذلول وصديقاتها).
وعلى الرغم من التأخر الواضح بإتخاذ هذه الخطوة، إلا أنّ الانتقادات طالت وتطال بريطانيا منذ سنوات بسبب تغاضيها عن جرائم السعودية بحق الشعب اليمني. فالحرب ضد اليمن بدأتها السعودية منذ مارس 2015 ومارست فيها السعودية أبشع الجرائم بحق الشعب اليمني وأطفاله ونسائه. مما يدفعنا للتشكيك بهذه الخطوة البريطانية الناقصة. فالأولى كان فرض عقوبات واسعة ضد السعودية قبل أكثر من 20 عاماً منذ تورط السعودية بهجمات الحادي عشر من سبتمبر وصولا إلى حرب اليمن.
وبعيداً عن حرب اليمن، فهناك قضية الناشطات السعوديات اللائي تم اعتقالهن منذ سنوات لمطالبات بسيطة. وتتحدث تقارير وشهادات ذوي السجينات بأنهن يتعرضن للتعذيب بأبشع الوسائل بل وقد تم تهديدهن بالإغتصاب وتعرّضن للتحرش الجنسي بحسب تقارير “وول ستريت جورنال”.
ولم يتوقف الملف الحقوقي الأسود للسعودية عند هذا الحد، بل تخطاه لملاحقة الناشطين المعارضين خارج البلاد وتهديدهم بشكل مباشر. ولعل أخر التهديدات هي ما تلقاه الناشط وصديق جمال خاشقجي المعارض السعودي “عمر عبد العزيز” من التهديدات بعد أن أخبرته السلطات الكندية بأن حياته في خطر.
من جهة أخرى وفي محاولات شراء الشرعية الدولية يتجه المسؤولون السعوديون إلى شراء الشرعية الرياضية لترميم صورة السعودية في الخارج. جهود هؤلاء المسؤولين تتجه نحو شراء نادي “نيوكاسل” البريطاني. حيث يخطط بن سلمان لشراء ما يقارب من 80 بالمائة من أسهم النادي. ناهيك عن انتهاكات السعودية لحقوق بث المباريات الرياضية لقنوات “بي آوت كيو” وخسارتها للدعاوى المرفوعة ضدها. كل ذلك يجري في الوقت الذي فرضت السعودية ضريبة القيمة المضافة بمعدل 15 بالمائة وحزمة من اجراءات التقشف تطال المواطنين السعوديين.
إن الخطوة التي اتخذتها بريطانيا هي خطوة صحيحة ولكنها خطوة ناقصة وننظر إليها بعين الريبة وذلك لإقتصارها على فرض عقوبات ضد 20 شخصية لم تشمل بن سلمان المسؤول الأول عن عملية إغتيال جمال خاشقجي (بحسب اعترافه في برنامج لإحدى القنوات الأمريكية في عام 2019). كما أن لبريطانيا معايير مزدوجة تقييم فيها حقوق الإنسان، فبالأمس القريب تعالت أصوات الحقوقيون والصحفيون في مطالبة الحكومة البريطانية بإيقاف تصدير الأسلحة إلى السعودية لمنعها من استخدامها في حرب اليمن. ولكن هذه الدعوات لم تلق أذاناً صاغية.
إنّ خطوات جدية وجماعية هي من يوفر الردع المناسب للسعودية وتدفعها بالطبع إلى احترم حقوق الإنسان في اليمن، وتدفعها إلى وقف الاعتداءات ضد الناشطين والمعارضين وهي وحدها من سيدفع السعودية إلى إطلاق سراح الناشطات القابعات في سجون الظلم السعودي.
كاتب ومحلل سياسي/ دكتوراة في القانون
مدير قسم دراسات حقوق الإنسان للبلدان العربية في كرسي حقوق الإنسان
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 24-أبريل-2024 الساعة: 12:40 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-71984.htm