صنعاء نيوز - الدكتور عادل عامر

السبت, 11-يوليو-2020
صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -


ان هناك مساعي ومبادرات عالمية لإقرار التحكيم السيبراني - أي نظر الدعاوى التحكيمية عن بعد باستخدام الوسائل الحديثة - في ظل أزمة كورونا الحالية، وفي إطار تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي التي تتخذها دول العالم،

ما يعزز من قدرة تطبيق التحكيم عن بعد بشكل أوسع، لتطبيق التحكيم السيبراني وضمان سير العملية التحكيمية بنجاح، يجب ان نتطرق الي اهم العقبات القانونية وعقبات امن المعلومات التي يواجهها التحكيم عن بعد.

باعتبار التحكيم احد افرع القانون التي تتسم بطابع دولي في انه يجمع العديد من الناس من مناطق مختلفة للمداولة ونظر القضايا وغيرها, لذلك يعتبر التحكيم الدولي من المجالات التي سوف تتأثر بفيروس كرونا

وذلك بالإضافة للمنازعات التعاقدية الكثيرة التي سوف تنشأ عنه لذا اتجه العديد من رجال القانون للنظر للفيروس من الناحية القانونية ودراسة الاثار القانونية التي سوف يخلفها في مجال التجارة الدولية

مع الاخذ بعين الاعتبار التأثيرات المباشرة على سير إجراءات التحكيم الدولي مثل جلسات الاستماع وغيرها من الإجراءات التي تضم عدد كبير من الناس من أماكن مختلفة حول العالم تأثرت أسواق المال والبرصة حول العالم في الفترة السابقة بشكل كبير حيث تراجعت مؤشرات البورصة الامريكية بأكثر من 10٪ عن أعلى المستويات الأخيرة ،

وانخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 4.4٪ - وهو الأعلى منذ عام 2011 - وأغلق مؤشر داو جونز منخفضًا 1،191 نقطة في أسوأ انخفاض له على الإطلاق في يوم واحد.

وعلى حد تعبير جلال الاحدب شريك bird & bird باريس " كانت التأثيرات الاقتصادية العالمية فريدا حيث خسرت الشركات الفرنسة وحدها ما يقارب مليار يورو ومن المتوقع ان تخسر شركات الطيران الفرنسية بين 63 مليار يورو و 113 مليار يورو بنهاية العام" وقد حذر من ان كل الدول سوف تكون مهتمة بتفادي الخسارات الاقتصادية لها مما يتأثر علي التجارة الدولية

المحامون ورجال التحكيم مثل جميع البشر عرضة للإصابة بالفيروس وقد اصيب بالفعل احد المحامين في منهاتن بالإضافة الى ثلاث محامين من احد مكاتب المحاماة في فيينا, بالنسبة للمحكمين يعتبر اكبر خطر يواجهم هو جلسات التحكيم والمداولة خصوصا في الدول التي ينتشر فيها المرض بشكل كبير

لذا كان من الضروري اخذ قرارات سريعة بخصوص رفض الكثير من المحكمين والشهود السفر لجلسات التحكيم في الدول والمناطق المصابة بالفيروس, حتى جلسات التحكيم التي كانت من المقرر لها ان تحدث في اماكن بعيده عن بؤرة المرض مهددة بالإلغاء بسبب ظروف الحجر الصحي وقيود الطيران في العديد من الدول,

حتى تجمعات ومؤتمرات المحامين تم الغاءها او تأجليها مثل مؤتمر اتحاد المحامين الدوليين في تركيا وفاعليات اسبوع جوهانسبرج للتحكيم وغيرها من الفاعليات

ومن هنا جاء ضرورة تغير الطريقة التي تتم بها إجراءات التحكيم في هذه الفترة , ففي الوقت التي تنخفض فيه اللقاءات المباشرة في التحكيم الدولي, ظهرت بقوه أهمية التكنولوجيا في التحكيم الدولي خصوصا محادثات الفيديو ,

فجلسات التحكيم والاستماع عبر الفيديو باتت ضرورية الاستخدام في هذه الظروف الحالية, لذا بدانا نسع مصطلح online dispute resolution (ODR) حل وتسوية المنازعات الكترونيا اثر الفيروس بطريقة مباشرة على تجميع الأدلة والوصول اليها يدويا,

لذا من المتوقع ان يتم الاعتماد في هذه الفترة على الوسائل الالكترونية مثل البريد الالكتروني في جمع وارسال الأدلة, وهذا يأخذنا إلى موضوع التوقيعات الالكترونية وغيرها من الوسائل الحديثة في التعاقد

لعل ازمة فيروس كرونا لفتت الانتباه الى ضرورة الإسراع في عمليات التحول الى التكنولوجيا في إدارة جلسات التحكيم وحوسبة جميع إجراءات التحكيم

ما بعد الفيروس؟

كما عودتنا البشرية على تجاوز كل الصعاب , عاجلا ام اجلا سوف يجد العلماء العلاج للفيروس ومن بعدها سوف تبدا موجه كبيرة من مطالبات التحكيم وهذا امر ليس بجديد ,

لذا يجب ان نهتم بالقوى القاهرة وتعريفها وتوضيحها بشكل لا يسمح باي لبث, فمن المتعارف عليه ان القوى القاهرة شملت العديد من الحوادث منها الحوادث الطبيعية والحروب والعمليات الإرهابية لكن دخول الفيروسات لها سوف يكون حديث العهد

إن انهيار الأسواق النفطية سيترك أيضاً بصماته بعمق على الاقتصاد السياسي في الشرق الأوسط. ونظراً إلى إغلاق أسواق العمل في الخليج، سيسفر صرف ملايين العمّال الآتين من مصر والسودان ودول المشرق عن مشاكل اجتماعية في هذه البلدان التي تواجه أساساً تحديات ضخمة.

وستصبح الأنظمة السلطوية أكثر تقارباً من بعضها البعض على الأرجح، ساعيةً إلى تضييق شقة خلافاتها. أحدث مثال على ذلك تقرّب الإمارات العربية المتحدة من الرئيس السوري بشار الأسد. وفيما تواجه الولايات المتحدة شبح الركود الذي لا مفر منه، وتعاني روسيا من الإفقار بسبب اعتمادها على النفط، وتتّجه الصين على الأرجح نحو شراء المزيد من النفط الرخيص من إيران، ستصبح القوى العالمية أقل قدرةً على التحكيم أو فرض ديناميكيات محددة في الشرق الأوسط، ما يمنح القوى الإقليمية المتوسطة هامشاً أوسع للتصرّف كما يحلو لها. سيكون من الأهمية بمكان، مع تفشّي فيروس كورونا المستجد في العديد من المجتمعات، معرفة ما إذا كانت السلطات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة ستتعاون، أم لا، لدرء هذا الوباء.

هذا ناهيك عن أنه يُحتمل أن تكون لهذه الأزمة تأثيرات على الجهود الأميركية والإسرائيلية لفرض تسوية سياسية على الفلسطينيين.

لذا تسببتْ جائحةُ كورونا في سكتةٍ كونيَّةٍ شُلَّت على أثرها الحركةُ الدائبةُ في الكرةِ الأرضيةِ، صمتَ الكونُ، وبدأتْ الأنظارُ تتّجه إلى الحلولِ الرقميةِ والابتكاراتِ التكنولوجيةِ. وفي عالم تسوية وفض المنازعات،

لا يكادُ يمضي يوم دونَ أن تطرحَ منصاتُ المنتدياتِ الافتراضيةِ التفاعلية عن بعد عبرَ الجهات العدلية أو المراكز المؤسسية في التحكيم والوساطة، موضوعاتٍ وتساؤلاتٍ وأطروحاتٍ وتحدياتٍ وحلولَ مرتبطة بمستقبل وكفاءة وفاعلية وسائل تسوية المنازعات الناجمة عن الجائحة، وخاصة المدنيَّة والتجاريَّة، عبرَ ثلاثية التقاضي والتحكيم والوساطة. على الصعيدِ الدولي، يمكنُ رصد بعض المبادرات، مثل محكمة لندن للتحكيم الدولي «LCIA»، والمحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة التحكيم الدائمة،

ومركز تحكيم ستوكهولم «SCC»، والمركز الأسترالي للتحكيم التجاري الدولي، ومركز تحكيم هونج كونج «HKIAC»، ومركز سنغافورة للتحكيم الدولي «SIAC»، وغيرها من مؤسسات قامت بتفعيل تقنية مؤتمرات الفيديو، وجلسات الاستماع الافتراضية، ورقمنة الملفات الإلكترونية، والإجراءات غير الورقية.

والحقيقة، أن هناك ثلاثةَ أطرافٍ أساسية لدى كل منها تحديات واحتياجات وتوقعات في الأزمة الحالية، وما يرتبط بها من منازعات.

فالطرف الأول، المتنازعون ممن لديهم خصومة مدنية أو تجارية نتيجة إخلال تعاقدي، يقفون حائرين بين ما يمليه عليهم شرطُ تسوية المنازعات الوارد في العقد موضوع النزاع، من حيث اللجوء إلى التقاضي أو التحكيم، وهم يدركون ما ينتظرهم من طول أمدِ الإجراءات قضائيًّا، ومن التكاليف والرسوم المرتفعة تحكيميًّا،

كما أنهم يعلمون يقينًا أن من يكسب الدعوى القضائية أو التحكيمية سيتأهّب إلى رحلة أخرى في إنفاذ ما صدر لصالحه من حكم نهائي قضائي أو تحكيمي، فقد يكون خاسرُ الدعوى مفلسًا، أو أعلن إفلاسه، أو في طريقه إلى الإفلاس، أو يبحث عن مفر من تنفيذ الحكم القضائي أو التحكيمي.

ولا شك أن ذلك يمثل قلقًا مشروعًا لدى من لديهم دعاوى ناجمة عن الجائحة، إضافة إلى ضعف قدرة الأطراف على الاستعانة بمكاتب المحاماة، عدا الأطراف التي مازالت لديها ملاءة مالية، ما سيجعل صاحب الدعوى هو خط الدفاع الأول في تقديم دعواه ومتابعة سير الإجراءات، ومن ثَمّ الحاجة إلى دعم ومساندة هؤلاء الأطراف في رحلتهم نحو تسوية منازعاتهم.

أما الطرف الثاني، الجهات العدلية الحكومية ممثلة في وزارات العدل، فلديها تحدياتٌ من نوعٍ آخر، وهي حتميةُ التحول إلى ما أصبح يسمى «المعتاد الجديد» «New Normal»، وهو التحول إلى العدالة عن بعد، وتوفير منصات تقاضٍ افتراضية، وتمكين أعضاء السلطة القضائية وأعوان القضاء والمحامين من التعامل بفاعلية مع تلك التقنيات والتحولات التقنية. وعلى الجانب الآخر،

فإن الطاقة الاستيعابية القضائية للمحاكم لا يمكن أن تستوعب العدد المرتقب من الدعاوى المدنية والتجارية،

ولذا فإن الأمر بات يتطلب تدخلا تشريعيًّا سريعًا وفاعلا لإيجاد منصة عدالة ناجزة تتفق مع طبيعة المنازعات الناجمة بعد حصرها مبدئيًا، والاستباقية في التعديلات التشريعية، والمواكبة القضائية لما هو آتٍ من منازعات،

وهذا ما سارعت إليه بعض الدول التي تعتبر وجهة دولية لقضايا التحكيم وفض النزاعات سعيًا منها في إيجاد حلول عدلية فاعلة، إذ أطلقت وزارة العدل في هونج كونج آلية لتسوية المنازعات عن بعد في زمن الوباء Covid-19 Online Dispute Resolution (ODR) Scheme)).

وتهدف تلك الآلية إلى تسوية نزاعات الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، ومن المقرر العمل بتلك الآلية اعتبارًا من أول شهر يوليو 2020. وتتميّز بفاعليتها وقدرتها على حل أكبر عدد من النزاعات بأسرع وقت وأقل كلفة مقارنة بآلية التقاضي.

وفي فرنسا، حوت مظلّة العدالة للثورة الرقمية تجربة إنشاء شبكة المحامين الخاصة «RPVA»، لتفعيل الإجراءات الجنائية والمدنية بين المحامين والمحاكم عن بعد عبر شبكة آمنة للحاسوب، من خلال تفعيل تقنية تشفير البيانات، ومفاتيح السر، والتوقيع الإلكتروني، وشهادات المصادقة الإلكترونية،

كما طوّرت جمعية المحكمين الأمريكيين نظامًا يتيح تفعيل إجراءات التحكيم، أو جزء منها عبر المنصات الرقمية والتطبيقات الذكية، وعقد جلسات التوفيق والمصالحة عن بعد.

ويأتي الطرف الثالث، وهو مراكز التحكيم والوساطة، التي تعد الأكثر حراكًا حتى الآن من حيث المبادرات وتعديل قواعدها اللائحية، أو استحداث قواعد جديدة للتعامل مع المنازعات المرتقبة. والحقيقة أن هناك العديد من الممارسات التي تحتذى في هذا الخصوص، فقد سارعت الكثير من مؤسسات التحكيم الدولية فعليًّا باتباع مجموعة من الإجراءات فيما يتعلق بإجراءات التحكيم في ظل الجائحة،

إذ تبنت 13 مؤسسة تحكيم دولية، من ضمنها مركز تحكيم ستوكهولم «SCC»، والمركز الأسترالي للتحكيم التجاري الدولي، ومركز تحكيم هونج كونج «HKIAC»، ومركز سنغافورة للتحكيم الدولي «SIAC»، بيانًا مشتركًا بعنوان «التحكيم وكوفيد - 19»،

يشمل مبادرة لتشجيع الأطراف والمحكمين على تقديم مقترحات تمتثل للقواعد المؤسسية وأساليب إدارة الدعاوى للتخفيف من آثار الجائحة على التحكيم الدولي، وتسهم في استمرار مؤسسات التحكيم بالعمل بكامل طاقتها. في حين أصدر مركز التحكيم الدولي في سنغافورة «SIAC» إخطارًا للمستفيدين والأطراف بـ«التدابير Covid-19 المحسنة»، وامتنع عن استقبال أي طلبات أو مذكرات ورقية.

والسؤال المهم والمحوري، ماذا يجب على المؤسسات العدلية، ومراكز التحكيم والوساطة في الدول العربية أن تفعل للاستعداد لتسوية فاعلة للمنازعات المتوقعة في ظل جائحة كورونا؟. الحقيقة أن ثَمَّةَ العديد من المحاور؛

لأن للكارثة تبعاتها الاقتصادية المؤلمة، ويمكن على الأقل تحديد ثلاثة محاور ذات أولوية قصوى يتعيّن نظرها وتبنيها وتفعيلها بالسرعة اللازمة. وهذا سيكون موضوع مقالنا القادم إن شاء الله.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 05:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-72022.htm