صنعاء نيوز - الدكتور عادل عامر

الثلاثاء, 24-نوفمبر-2020
صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -


القيم تحفظ الأمن، وتقي من الشرور في المجتمع؛ لأن تأثيرها أعظم من تأثير القوانين والعقوبات، فالقيم المتأصلة في النفس تكون أكثر قدرةً على منع الأخطاء من العقوبة والقانون. وأصحاب القيم يؤدون أعمالهم بفعالية وإتقان، وسوء سلوك القائمين على العمل راجع إلى افتقادهم لقيم الإيمان والإخلاص والشعور بالواجب والمسئولية.

والقيم تجعل للإنسان قيمةً ومنزلة، ولحياته طعمًا، وتزداد ثقة الناس به، مفهوم الأسرة: هي عبارة عن رابطة تربط بين الرجل والمرأة بالزواج وإنشاء أسرة وتحمل المسؤوليات المنزلية وتربية الأطفال وتنشئتهم تنشئة سليمة وتلبية متطلباتهم ورغباتهم وتكون ملتزمة بالمبادئ والعادات الاجتماعية والاخلاقية، وإن الأسرة أساس المجتمع في نموه وتطوره وتربية أجيال ذو فكر وأخلاق حسنة، وهي الأساس في تأمين المسكن والمأكل والمشرب والملبس وأيضاً توفير الراحة والأمان والطمأنينة للأطفال في المنزل لنجاح واستمرار الحياة الزوجية.

ما أهمية الأسرة في المجتمع؟

تكون أهمية الأسرة ومكانتها المهمة في المجتمع من خلال الأمور الآتية:

تأمن الأسرة من الاحتياجات والرغبات والمتطلبات الجسمية والنفسية والمعنوية والعاطفية للأطفال، فيكون مجتمعاً سليماً ومتكاملاً.

تحقّق الأسرة القيم الاجتماعيّة وتحافظ على ثباته واستقرار ه، وعلى المجتمع من الأزمات النفسيّة والجسمية، وتحقيق معاني الضامن الاجتماعي.

زرع القيم الجيدة، والمبادئ الأخلاقية داخل الفرد والمجتمع.

تعد الأسرة الأساس في تطور المجتمع، حيث إنَّ قوة المجتمع و ضعفه تقاس ببناء وتضامن الأسرة أو ضعفها، وتحسن المجتمع أو فشله يتعلّق بالأسرة.

تربية الأبناء تربية صحيحة وسليمة مما يعكس بصورة ايجابية على المجتمع وتطوره.

منح الأبناء بعض من المسؤوليات الاجتماعيّة ليعتمدون على أنفسهم ويثقون بذاتهم وتقوية شخصيتهم. ولقد كانت هذه القيم وغيرها مغروسةً في أجيال السلف الصالح قولًا حكيمًا وفعلًا ممارسًا من حياته صلى الله عليه وسلم، التي كانت مصابيح تربوية في ليله ونهاره وصبحه ومسائه، أضاءت سيرته الطريق لأجيال الصحابة، فتشربوا القيم الخالدة، حتى غدت نفوسهم زكيةً وعقولهم نيرة، وغيروا بذلك الدنيا، وأصلحوا الحياة، لم يعرف الخلق منذ النشأة الأولى مجتمعًا تجلت فيه القيم بأسمى معانيها مثل المجتمعات الإسلامية.

وقد رسخت الدعوة الإسلامية القيم، انتشرت بالقيم، تغلغلت في النفوس بما تحمل من قيم، شملت مختلف جوانب الحياة؛ الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية، منظومة متكاملة لا يمكن فصلها.

وتُظهِر الأيام عظمة القيم في الإسلام، فهذه الأمم اليوم تترنح، ويتوالى الانهيار منذ فجر التاريخ، تنهار الأمم لضمور المبادئ وهشاشة القيم التي أقيمت عليها، وتقف أمة الإسلام شامخةً بإسلامها، قويةً بإيمانها، عزيزةً بمبادئها؛ لأنها أمة القيم والمثل والأخلاق.

وانهيار الأمم والحضارات المادية دليل على أن قيمها ومثلها ضعيفة نفعية؛ بل هي مفلسة في عالم القيم، كيف لا وهي من صنع البشر؟! كم من القتلى! كم من الجرحى! كم من التدمير يمارس اليوم باسم الحرية والحفاظ على المصالح!

والقيم تدفع المسلم، وإن كان في ضائقة مالية، إلى إغاثة الملهوف وإطعام الجائع، وتجد المسلم المؤمن يمتنع عن الرشوة والسرقة، والمرأة تحافظ على كرامتها، وتصون عفتها، وتنأى بنفسها عن مواطن الفتنة والشبهة، ولا تستجيب للدعاوى المغرضة والمضللة؛ ذلك أن الإيمان هو النبع الفياض الذي يرسخ القيم، وتُبنى به المجتمعات، ويوفر لها الصلاح والفلاح والأمن والتنمية.

أي عمل اجتماعي أو اقتصادي، لحل مشكلات المجتمع، يهتم بالقيم المادية ويتجاهل القيم الإيمانية فإنه يسلك طريق الضعف، ويقذف بالجيل إلى حياة الفوضى والعبث، ويقتل فيه روح المسئولية والفضيلة. وما أصاب المسلمين اليوم من قصور ليس مرجعه قيم الإسلام ومبادئه ومقاصده وغاياته،

وإنما سببه الفرق بين العلم والعمل، والفصل بين العقيدة والمبادئ والقيم، واللحاق بركب الحضارة لا يكون على حساب الثوابت، إن ثوابتنا وقيمنا، نحن المسلمين، هي سبب عزنا، وهي سبب تقدمنا، ويجب أن يعرف كل فرد في الأمة، التي تريد النهوض إلى المجد، أن العقيدة هي التي تبني القوى، وتبعث العزائم، وتضيء الطريق للسالكين.

والأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى، المسئولة عن تنشئة الأفراد على احترام القيم السائدة فيها، واحترام الأنظمة الاجتماعية ومعايير السلوك، والحفاظ على حقوق الآخرين، ونبذ السلوكيات الخاطئة. ولا يخفى على أحد أن موضوع الأسرة من القضايا العالمية التي زاد الحديث عنها مؤخرًا، على مستوى الدول والهيئات والمنظمات الدولية، وكل منها يحاول إيجاد صبغة جديدة مبتكرة للأسرة، بعضها دعا إلى نبذ الأسر التقليدية وتطوير بنائها،

والآخر دعا إلى تحريرها من القيود القانونية، وإطلاق العنان لكل شراكة، حتى وإن قامت على علاقة شاذة محرمة، واعتبارها، مجازًا، نمطًا جديدًا من الأسر، وبالمقابل يظهر المنهج الإسلامي المتوازن لتكوين الأسرة ورعايتها والحفاظ على أفرادها، هذا مع التأكيد على أن الأسرة هي أهم مؤسسة تربوية لتعليم النشء، وهي الحاضنة الأولى لتعزيز القيم الأخلاقية.

فالأسرة هي رابطة اجتماعية، تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما، وتشمل الجدود والأحفاد وبعض الأقارب، على أن يكونوا مشتركين في معيشة واحدة، ويتم فيها تنشئة الفرد اجتماعيًا، واكتساب معارفه ومهاراته واتجاهاته في الحياة. ويؤكد المنهج التربوي الإسلامي على ضرورة التوازن بين الثواب والعقاب في تربية الطفل؛ حيث أكدت الروايات الكثيرة على الاعتدال في التعامل مع الطفل، فلا إفراط ولا تفريط.

ويعتبر المنهج التربوي الإسلامي أن العقوبة العاطفية هي عقوبة مؤثرة وفاعلة، ومن الممكن أن تؤدي إلى تغيير السلوك الخاطئ للطفل، فإقناع الطفل بأن سلوكه السلوك الخاطئ سوف يؤدي إلى فقدانه لهذا الحب، وإلى إضعاف تلك المحبة والمقبولة التي يحوزها من والديه؛ ومن ثم يمكن أن يأتي دور التأنيب والزجر.

المبادئ الأساسية في الأخلاق:

ومن أهم المبادئ الأساسية في الأخلاق، التي ينبغي تسليط الضوء عليها، وتعليمها للأطفال وتعويدهم عليها، هي:

الاحترام:

يعد الاحترام من أهم الخصال التي ينبغي على الآباء تعليمها لأبنائهم؛ لأنها سر نجاح أي علاقة في الحياة، بحيث يقدم الآباء لأنفسهم وللمجتمع ولأطفالهم خدمة تصب في المصلحة العامة، بحيث تحثهم على التعامل بكل احترام، مع مختلف الفئات والبيئات.

الطاعة:

تعتبر من الأمور التي لا تأتي بشكل طبيعي، فهي صفة مكتسبة، بحيث يرغب الأشخاص بطبعهم إلى التمرد، وكسر القوانين والقواعد في أغلب الأحيان، فلا أحد يحب أن يتم تقييده أو إلزامه بأمور لا يرغب بها؛ لذلك يجب على الآباء تربية أطفالهم بحزم، أو الترغيب في حال كانوا مطيعين، وكان سلوكهم إيجابيًا.

الأدب:

ينبغي على الآباء القيام بتذكير أبناءهم بضرورة التصرف بلباقة وأدب في كل مواقف الحياة، كطريقة لتهذيب أنفسهم، وترسيخ هذه القيم في أذهانهم لتصبح جزءًا لا يتجزأ من شخصيتهم؛ كاستعمال بعض الكلمات التي تدل على ذلك؛ مثل: شكرًا، ومن فضلك.

المسئولية:

يمكن تعليم الأطفال المسئولية في سن مبكر، وذلك عن طريق إعطائهم أعمالًا سهلة يمكن القيام بها؛ كالتقاط ألعابهم من الأرض، أو وضع ملابسهم النظيفة في مكانها الصحيح، أو تنظيف أسنانهم، كل ذلك يغرس في أنفسهم الانضباط وحب المسئولية.

التواضع:

يعد التواضع من أهم جوانب الحياة التي ينبغي للآباء التركيز عليها، وتنميتها في نفوس أطفالهم؛ من أجل إبعادهم عن الشعور بالفخر والتباهي في كل مواضع حياتهم، خاصة إذا أخطئوا بحق أحدهم، فإنه من التواضع المبادرة بالاعتذار والتأسف، وهذا ما يجب على الآباء تعليمه لأطفالهم.

الصداقة:

لا بد من تشجيع الود والانخراط الاجتماعي بين الأطفال، مع ضرورة مراقبتهم وتوجيههم لمخاطر التحدث مع الغرباء، وفتح المجال أمامهم لتكوين صداقات جيدة، مبنية على الثقة، تساعدهم في صقل شخصياتهم مستقبلًا.

الصدق:

كما يقال دائمًا الصدق منجاة من الكذب؛ لذلك لا بد من تعليم هذه الخصلة وصقلها في شخصية الطفل منذ الصغر؛ لتنشئتهم تنشئة سليمة بعيدة عن الغش والخداع.

وأخيرًا، لا بد من التنبيه إلى أهم الأخطاء التي تقع فيها الكثير من الأسر:

1- الشدة والصرامة، خلافًا للحزم.

2- الدلال الزائد والتسامح الدائم، خلافًا للرحمة، قال عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا»

3- التذبذب في التربية، وعدم الثبات في المعاملة؛ فيقع الطفل بصعوبة التفريق بين الصواب والخطأ. 4- عدم العدل بين الإخوة والتمييز بينهم؛ مما يجعل الطفل فريسة السلوك الخاطئ بهدف الانتقام والانتصار للذات، قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»

5- الغفلة عن الأبناء، وعدم متابعتهم في ترسيخ المنظومة القيمية، والانشغال عنهم؛ مما يؤدي إلى انهيار المنظومة القيمية

وعليه، فإن إعادة بناء منظومة القيم وتعزيزها لن يتحقق بعقد الندوات واللقاءات والمؤتمرات فقط؛ فلا بد من إرادة حقيقية من الجميع، وتضافر جهود الأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام وجميع المؤسسات التربوية، وأؤكد على دور الأسرة المستمر والمتواصل، فإذا صح حال الأسرة صح حال المجتمع بأسره.

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 10:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-73791.htm