صنعاء نيوز - 
الإدارة المحلية هي جذور التنمية الوطنية ومكان صناعة القرارات ذات التأثير المباشر في المواطن، والمسئولة عن تدبير وتصريف شئونه الحياتية اليومية،

الأربعاء, 07-أبريل-2021
صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -

الإدارة المحلية هي جذور التنمية الوطنية ومكان صناعة القرارات ذات التأثير المباشر في المواطن، والمسئولة عن تدبير وتصريف شئونه الحياتية اليومية، وهي القادرة بالتخصص على مواجهة التحديات والقضايا المحلية ومعالجتها بدراية ووعي وحماس.

أن تعزيز المسئولية المجتمعية تعد أحد أهم الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي وتوفير بيئة جاذبة للاستثمارات وإحداث تحسن في مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

وعلى الرغم من أهمية الإدارة المحلية من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، إلا أنها ما زالت تفتقد على الصعيد الوطني الإطار المؤسسي القانوني الذي يحدد التكوين الإداري داخل منظومة النظام السياسي والقانون العام في صفة هيئة محلية تُمنح الأدوار والمسئوليات والصلاحيات الإدارية والمالية بما يتفق مع المعطيات والمتغيرات على الساحتين الداخلية والخارجية، وبما يمكنها من صناعة القرارات التنموية واحتواء تلك المتغيرات وزيادة القدرة على المنافسة الاقتصادية. هناك محاولات للتطوير لكن ليست شمولية،

وإنما قطاعية تدور في فلك التنظيم البيروقراطي وداخل الأجهزة الحكومية وتتركز حول اللامركزية المرفقية وليس اللامركزية السياسية. وهذا ما لا يتفق مع طبيعة القضايا المحلية المتشعبة والمتداخلة والمعقدة التي تتطلب وجود هيئة محلية مستقلة إداريا وماليا تكون مسئولة عن إدارة المجتمع المحلي بجميع قطاعاته ووضع الرؤى والاستراتيجيات والسياسات المحلية. الوضع الحالي للإدارة المحلية يكتنفه الغموض وتداخل عدة وحدات إدارية وتعدد مرجعياتها وضعف صلاحياتها والمركزية الشديدة والاعتماد الكبير على التنظيم البيروقراطي دون مجالس نيابية تقوم بصناعة القرارات المحلية.

هناك فرق كبير بين اتخاذ القرار وصناعته وهذا الفرق يلزم أخذه بالحسبان في عملية تطوير الإدارة المحلية، فصناعة القرار تستلزم بالضرورة مجالس نيابية تقوم بصياغة السياسات والتشريعات ويقوم بتنفيذها جهاز إداري يكون مسئولا من قبل المجالس النيابية. في ظل غياب نظام للإدارة المحلية تقف أنظمة مجالس المناطق والمحلية والبلدية قاصرة عن تحقيق الأدوار التنموية الإقليمية والمحلية بسبب ضبابية المسئوليات وضآلة الصلاحيات.

هناك إجماع من المسؤولين المحليين والباحثين في مجال الإدارة المحلية بضرورة إيجاد نظام للإدارة المحلية يحقق الكفاءة والفاعلية في العمل الحكومي المحلي ويمنح الفرصة للقيادات الإدارية في صناعة القرارات التي تستجيب لمطالب سكان المدن الحالية والمستقبلية. التوجه الحالي لإدارة المدن في كثير من الدول المتقدمة اجتاز مرحلة الحديث عن الحكم المحلي إلى ما يسمى إدارة المجتمع المحلي (Local Governance)

حيث تتداخل جميع مكونات المجتمع في عملية التنمية ولا تقتصر على الأجهزة الحكومية، فتتوسع مسئولية الإدارة المحلية من حدود توفير الخدمات الحكومية إلى تنسيق الجهود وتهيئة المناخ العام لتحريك الموارد وتوجيهها للتنمية المحلية وتحفيز التعاون والتكاتف بين فئات المجتمع، وهو ما يتطلب بطبيعة الحال تنفيذ أدوار وبناء للقدرات القيادية المحلية، والتحول من قدرة التنفيذ والسيطرة إلى المبادرة والتطوير وإحداث التغيير.

لم يعد بالإمكان الاستمرار على النهج الروتيني ذاته والثبوتية في الدعوة للحفاظ على الأوضاع والركون للمعتاد، فالتغيرات تعصف من كل جانب ولم تعد المحليات في ظل العولمة بمعزل عن التأثيرات العالمية، وهذا يحتم نظرة جديدة للإدارة المحلية تكون أكثر مرونة وأكثر قدرة على خلق التميز وتطوير الخبرة المتخصصة. لقد أتيحت لي فرصة الاطلاع من كثب على الفرص والتحديات التي تواجه القيادات المحلية

لقد استطاع المحافظون بقدراتهم الذاتية وحماسهم ودافعيتهم للإنجاز وتفانيهم لسكان المحافظة تحقيق مشاريع خدمية وجلب موارد إضافية مكنتهم من تحسين أوضاع محافظاتهم. هذا الفكر التنويري والإبداعي يصطدم في كثير من الأحيان بتعقيدات إدارية تحد من أدائهم وتفوت الفرصة في توسيع دائرة العمل التنموي.

المحافظون الذين يمثلون نخبة مختارة من مناطق السعودية للمشاركة في ورشة العمل اجمعوا على أن عليهم مضاعفة العمل وبذل المزيد لتخطي المعوقات والتحديات الإدارية. الإشكالية التي تواجههم هي افتقارهم للصلاحيات التي تمكنهم من توجيه التنمية وتحديد الخدمات المطلوبة وطريقة تنفيذها، فرؤساء الأجهزة الفرعية للوزارات الذين هم أعضاء في المجالس المحلية ويرأسهم المحافظ يميلون إلى تنفيذ التعليمات القادمة من وزاراتهم وليس بالضرورة توجهات المحافظة. إلا أن المحافظ وبقوة شخصيته وممارسة دور حشد الجهود والتحفيز الاجتماعي يستطيع تحقيق الكثير وهذا ما تبرهنه تجاربهم الناجحة.

المحافظات بإداراتها الشمولية لجميع القطاعات وعلى نطاق جغرافي محدد وموثق تكتمل فيها إلى حد كبير عناصر الهيئة المحلية، أما البلديات فتليها في المستوى الإداري ومن بعدها مراكز الأحياء في المستوى الأدنى. وقد يكون من المناسب أن يضم ممثلون من المجالس البلدية للمجالس المحلية في المحافظات وفي الوقت ذاته يضم رؤساء المجالس المحلية لمجالس المناطق. هكذا نحصل على تسلسل هرمي مكاني للسلطة من المستوى الوطني نزولا لمستوى مجلس المنطقة وبعده المحافظات ومن ثم المجالس البلدية وانتهاء بمراكز الأحياء.

إن من شأن هذا التنظيم زيادة فاعلية وكفاءة الأحكام والسيطرة والضبط الاجتماعي وتضييق نطاق الإشراف وتوجيه التنمية. كما أنه يسهم في تحديد المسئوليات والتعرف على مواقع الخلل وحجمها، وفي الوقت ذاته يتيح الفرصة للتخطيط من أسفل إلى أعلى والمحاسبة على نتائج الأداء وليس إلى أي مدى يتم تطبيق الإجراءات الروتينية.

وأن العبرة بالنتائج وأهم مؤشرات نجاح المسئول المحلي ألا يشكوه أحد. بهذه الحكمة السياسية والفكر المستنير الواقعي أن يوحد الكيان ويجمع الناس في معادلة جلبت النجاح والاستقرار والأمن والأمان من خلال تحقيق التوازن بين المشترك والثوابت الوطنية وفي الوقت ذاته الاعتراف بالاختلاف والتفاوت بين المناطق،

أن الاختلاف والميزة التفضيلية لكل منطقة كانا دافعا ومحفزا نحو التكامل الاقتصادي والثقافي، وقد يكون هذا سر نجاحه يرحمه الله في مواجهة التحديات الاقتصادية وندرة الموارد المالية.

لقد حان الوقت في أن نتناول موضوع الإدارة المحلية برؤية جديدة وجادة ليس من أجل التنمية المحلية وحسب ولكن لزيادة اللحمة الوطنية وتعزيز العلاقة الحميمية بين الحاكم والمواطن، فهل يصدر نظام للإدارة المحلية تكون فيه المحافظات نواة للإدارة المحلية وتمنح الاستقلال المالي والإداري لتكون قادرة على خلق التميز المطلوب؟!أن التنمية الاقتصادية المحلية هي مسؤولية جماعية للمؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث إن هذا الحدث يجسد تكاملا بين مختلف القطاعات سواء الأهلي والعام والأكاديمي. عملية التنمية المحلية والمراحل التي يجب أن تمر بها، وهي مرحلة البناء المؤسسي أي مأسسة التنمية المحلية في الوزارة والهيئات المحلية، من خلال تطوير قدرات العاملين سواء في الوزارة أو الهيئات، إضافة إلى توفير البيئة القانونية لعملية التنمية المحلية من أجل إنتاجها وإحداثها، في الوقت نفسه يتم التقدم ببعض المشاريع التي يمكن أن تخدم على الأرض، حيث تتكئ على الميزة المكانية

تهدف عملية تنمية المجتمع إلى تحقيق مجموعة من الأهداف تتمثل في:

البحث عما يمكن عمله لتحسين ظروف المعيشة في الحدود والإمكانيات المتاحة، ويتوقف مدى هذا التحسين وعمقه على استعداد أعضاء المجتمع لتبني مشروع كبير أو صغير، وعلى إمكانية تواجد أو تكوين خبرات ناجحة في مجالات عمل وإدارة هذا المشروع الذي يقره المجتمع ويشارك الإعلام في تنمية وتوعية المواطنين المشاكل القومية وحثهم على المشاركة الإيجابية في حلها بالتنسيق مع أجهزة الدولة.
2- استثمار وتنمية الموارد البشرية في المجتمع، وزيادة قدرة المجتمع على حل مشكلاته في المستقبل عن طريق تدريب الأهالي على مواجهة المشكلات وتعليمهم أساليب ومهارات جديدة مما يزيد من ثقتهم في إمكانية حل مشكلاتهم المحلية، والقيام بدور أكثر إيجابية وفاعلية في المجتمع، والتأكيد على استمرار هذه الجهود مع مراعاة تحسين نوعية مشاركة المواطنين فليس المهم كمها أو أعدادها الكبيرة.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 12:13 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-76196.htm