صنعاء نيوز - يحكى أن ل" سعيد و سعيدة" حكاية ظريفة و جميلة و سياسية و هي واحدة من الحكايات المتداولة  في الريف اليمني و تدور تفاصيل هذه الحكاية

الأربعاء, 05-مايو-2021
صنعاء نيوز/محمد العزيزي -
يحكى أن ل" سعيد و سعيدة" حكاية ظريفة و جميلة و سياسية و هي واحدة من الحكايات المتداولة في الريف اليمني و تدور تفاصيل هذه الحكاية ، أن الزوجين شغلا بمشاكلهما و قضاياهما اليومية المجتمع المحيط لهما من كثر ضجيج الزوجين و خلافاتهما المتصاعدة صباح مساء ، فلا يسمع الناس إلا ارتفاع أصواتهما و شجارهما حول قضايا خلافية و لا يفهم الأخرون الأسباب .
صباحا كان يتجه سعيد و سعيدة إلى العمل و المزرعة سويا و هما يتجاذبان الحديث و يضحكان و يحملان فطورهما ، يفترشان الأرض في الحقل و يتناولان الإفطار و يكملان عملهما و يحملان ما جمعاه من زروع و يعودان إلى المنزل عند الظهر ، يذهب سعيد للصلاة و تتجه سعيدة لإعداد الغداء ، و بعد الغداء يبدأ سعيد و سعيدة بافتعال المشاكل و يتعالى الصياح و تبادل الاتهامات لبعضهما البعض ، ومناقشة قضايا تافهة، و هما يتبادلان قصبة " المداعة " في سطح المنزل، أبناء القرية يحاولون تقديم وساطات لفض الشجار و حل خلافاتهما، لكنهما يعودان سريعا مساء للمشاكل من جديد و ترتفع أصواتهما و تعلو كثيرا حتى يظن جيرانهما أن الحرب الطاحنة أوشكت و لابد من انتصار أحدهما أو انفصالهما على الأقل، و ربما يقضى الأمر و يخلص أو يتخلص المجتمع من إزعاجهما و مشاكلهما و تهدأ القرية و البلاد من شرورهما و حكايتهما التي لا تنتهي .
وفي الصباح يتفاجأ الناس بأن سعيد و سعيدة متصالحان ، و يشربان القهوة ووجبة الإفطار و يتجهان نحو عملهما كالعادة مثل كل يوم، و بهذه الحالة ألفهم الناس و تعودوا على سعيد و سعيدة و حكايتهما و سلوكهما اليومي، و كلما ارتفعت أصواتهما وزاد شجارهما لا أحد يتدخل و الجميع يقول لا تصدقوا سعيد و سعيدة ليس بينهما مشاكل أو خلافات " "ساديين " .. تلك كانت حكايتهما .
حكاية" أمريكا و إيران " تتطابق تماما مع حكاية سعيد و سعيدة، تارة أمريكا تهدد بتحريك حاملات الطائرات ووصول طائرة B52و هي أضخم طائرة حربية و قاذفة القنابل و الصواريخ من مسافات بعيدة، و تارة أخرى تفرض عقوبات اقتصادية على إيران، و تارة أخرى تتفق أمريكا مع مجموعة (5+1) حول الاتفاق النووي الإيراني، أمريكا تنسحب من الاتفاق النووي.
من جهتها إيران تقصف القواعد العسكرية الأمريكية بالعراق بعد إبلاغ أمريكا بالعملية و لا يوجد إصابات، إيران تعترض السفن الحربية و التجارية الأمريكية في البحر، إيران ترفع تخصيب اليورانيوم من ٥٪ إلى ٦٠٪ .
أمريكا تعود للاتفاق النووي و تطلب من إيران العودة لالتزاماتها بالاتفاق النووي، إيران ترد بالرفض و تطالب أمريكا بالعودة أولا و أنها أي أمريكا تعرف طريق العودة و البدء أولا برفع العقوبات .
إيران ترفض طريقة العودة للاتفاق خطوة بخطوة، و تقول أمريكا هي التي انسحبت من الاتفاق و عليها العودة للاتفاق و رفع العقوبات أولا.. أمريكا بدورها ترفض طلب إيران بفرض شروط العودة.
أمريكا و إيران تتحاوران بطريقة غير مباشرة، إيران تعلن تقدم المفاوضات و بشكل كبير في إنجاز العودة للاتفاق، أمريكا ما يزال الطريق طويلا للعودة إلى الاتفاق النووي.
إيران تتهم واشنطن بمحاولة إضاعة الوقت في المفاوضات.
إيران متفائلون بنتائج المفاوضات و الوصول إلى حل مع واشنطن و نحن على بعد خطوة من الخروج من الأزمة النووية .
المجتمع الدولي متفائل من التوصل إلى اتفاق جديد و حل كل القضايا السياسية و تدخلات إيران في المنطقة .
أمريكا لابد من تعاون إيران في حل الأزمات في اليمن و لبنان و سوريا .
أمريكا حان الوقت لإحلال السلام في اليمن..
كل هذه المناورات السياسية التي تتناوبها أمريكا و إيران أليست تشبه ما حدث و يحدث في حكاية سعيد و سعيدة.
الصراع السياسي بين سعيد و سعيدة ، أقصد إيران و أمريكا و الضرر دائما يلحق بالآخرين، مشاكل إيران و أمريكا المتضرر الوحيد منها هي الشعوب العربية جراء هذا الصراع الناعم بينهما و نحن العرب من ندفع ثمنه في دمار البنية التحتية و حصار و قتل و تدمير الاقتصاد و تشرد الكثير من الناس، و تعليق القضايا اليمنية و السورية و اللبنانية بقضية الصراع الأمريكي الإيراني..
طيب ما دخل الشعب اليمني في هذا الصراع و الدمار ؟!! و هل فعلا يوجد هناك خلاف بين سعيد و سعيدة ؟!
أقول لا و ألف لا، ليس هناك خلاف بين أمريكا و إيران، بل خلافهما يحقق لهما مصالح اقتصادية لا تعد و لا تحصى، و لم تتضرر مصالحهما، و أمريكا بهذه الخلافات تحقق أضعاف المكاسب الاقتصادية و كذلك إيران.
مثلا إيران تبيع نفطها و طاقتها للعراق و تركيا بمبلغ خيالية، و مافيا التهريب تشتري نفط إيران عبر أوزبكستان و قرغيرستان و طاجيكستان و باكستان، عبر شركات تملك سفنا تحمل علامات تجارية و أعلام دول أخرى، تحت علم ومعرفة أمريكا، و بالتالي إيران مصالحها تسير على ما يرام و كذا أمريكا، إيران تخدم مصالح أمريكا و العكس و الأخيرة تصنع من إيران لاعبا رئيسيا و قوي و مرعبا في المنطقة و المتضررون هم العرب .
أمريكا حققت مليارات الدولارات كهدايا و مساعدات مقابل حماية أمريكا لدول المنطقة من عنتريات إيران، و شركاتها كسبت مليارات الدولارات من وراء بيع و شراء السلاح لدول المنطقة و تغذية الحرب و الصراع و مثلها مساعدات إنسانية و صحية تنفذها بالطبع شركاتهم، و العرب ما عليهم إلا يدفعوا، يدفعوا الثمن و هم يقبضون الأموال. إذا هنا نسأل من الذي يتضرر و يدفع الثمن في كل الاتجاهات ؟!
أمريكا و إيران تحققان مكاسب سياسية و اقتصادية و نفوذا و تتحكم بقدرات ومقدرات الوطن العربي عموما و هذا التحكم لا حدود له، بينما نحن الشعوب العربية ندفع الثمن باهظا نتيجة الخلاف المزعوم بين أمريكا و إيران و هما متصالحتان و تحققان أهدافهما و مصالحهما و نحن الضحايا من وراء كل ذلك وهذه الدوامة الخبيثة .
أخيرا ألا تشبه خلافات إيران و أمريكا حكاية و خلافات الزوجين سعيد و سعيدة، بالنسبة لي أنا أجزم و أحلف بكل الكتب السماوية أنه لا يوجد خلاف بين واشنطن و طهران البتة، و إن سمعنا ضجيجا فهو غير حقيقي و أنهما بهذه الخلافات التي " أدوشونا " و أزعجوا العالم بها يستخدمونها ضدنا، و أن ما يحدث هو حكاية مكررة من حكاية سعيد و سعيدة، و رفع الأصوات و المساجلات بالتصريحات و اصطناع الخلافات و المشاكل ما هي إلا لإيهام الآخرين أنهما على خلاف لتحقيق الأهداف المرجوة و امتصاص ثروات الأمة العربية، في الحقيقة أن واشنطن و طهران متفقتان حد التطابق على استغلال شعوب المنطقة و الشعب اليمني على وجه الخصوص باعتباره الضحية الجديدة في الصراع الأمريكي الإيراني، و.. سلاماتكم.!!
تمت طباعة الخبر في: السبت, 04-مايو-2024 الساعة: 09:30 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-76704.htm