صنعاء نيوز - فالتوازن العقدي في مجال الحياة الزوجية قد يقتضي تدخل الإرادة مرة أخرى لتعديل بعض المقتضيات المتفق عليها سابقا و التي أصبحت ترهق أحد الأطراف عند التنفيذ,

الإثنين, 18-أكتوبر-2021
صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية. omar.dghoughi1989@gmail.com https://www.facebook.com/dghoughi.idrissi.officiel/

فالتوازن العقدي في مجال الحياة الزوجية قد يقتضي تدخل الإرادة مرة أخرى لتعديل بعض المقتضيات المتفق عليها سابقا و التي أصبحت ترهق أحد الأطراف عند التنفيذ, إذ قد تتغير الظروف و يصبح معها الشرط مرهقا لمن تحمل به , و ضارا له ضررا جسيما و هذا ما نصت عليه المادة الثامنة و لأربعون من مدونة الأسرة .

فقد تشترط الزوجة مثلا عدم التزوج عليها و في ظل مدونة الأسرة الجديدة لا تأذن المحكمة بالتعدد , فقد يرغب الزوج في التعدد لسبب جدي يدعو إلى التعدد كعقم زوجته أو إصابتها بمرض يمنع القيام بالوظيفة الجنسية.

إن العدالة تقتضي في مثل هذه الأحوال و غيرها إعادة النظر في الشروط الاتفاقية في عقد الزواج و مراجعة القضاء بشأنها لإعادة التوازن و رفع الحيف إما بإلغاء الشرط أو تعديله مع إمكانية إعطاء التعويض للطرف المتضرر إذا توافرت شروطه.
ثانيا: الإخلال بالالتزامات المتبادلة:
لقد نصت المادة الواحد و الخمسون من مدونة الأسرة على مجموعة من الحقوق و الواجبات المتبادلة بين الزوجين التي يجب الالتزام بها لأنها مفروضة على كل واحد من الزوجين. و الإخلال بأي منها يشكل خرقا صريحا للقانون لذا يحق للمتضرر من ذلك اللجوء إلى القضاء لإلزام المخل بالتنفيذ العيني متى كان ممكنا,و إذا أصر على الامتناع و كان تدخله الشخصي في التنفيذ ضروريا أمكن للزوج الآخر طلب التطليق طبق مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المادة 94 و ما بعدها .
و هذا ما أكدته المادة الثانية و الخمسون من مدونة الأسرة .
و إذا أقام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر ,تدخلت النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية حالا, مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه و حمايته (المادة 53 من مدونة الأسرة).

فمتى علمت النيابة العامة بحالة الطرد,لها أن تستعين بالشرطة القضائية الموضوعة تحت إشرافها لإرجاع المطرود إلى بيت الزوجية ,لأن حالات الطرد كانت تطال عدة زوجات في ظل النصوص الملغاة و كانت مسطرة الرجوع إلى بيت الزوجية طويلة بحيث تبقى الزوجة خارج البيت مشردة مع أطفالها المعرضين للضياع و التسكع و التشرد ,و قد تدخل المشرع بمقتضى المادة53 من المدونة الجديدة لحل هذا المشكل تماشيا مع المستجدات التي وردت في قانون المسطرة الجنائية الجديد و منها إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه,فالغاية من تدخل النيابة العامة هو الحرص على حماية المطرود و في سبيل ذلك لها أن تتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بهذه الحماية و أن تقوم بكل التحركات و الإجراءات التي تكون في مصلحة الأسرة و هذه المسطرة هي من صميم الدور الطبيعي للنيابة العامة داخل المجتمع.

و هذا يستدعي تواجد النيابة العامة في حالة مداومة مستمرة للتدخل في أي وقت نظرا لما له من بعد إنساني يرمي إلى محافظة على العلاقة الزوجية.

و تدخل النيابة العامة لإرجاع المطرود من بيت الزوجية مشروط بكون الطرد كان دون مبرر مسوغ, و بمفهوم المخالفة إذا كان الطرد بمبرر فإن النيابة العامة لن تتدخل و حتى إذا تدخلت فليس لصالح الزوج المطرود بل لتزكية الطرد حتى يتم البت في جوهر النزاع,و تبقي مسألة الطرد المبرر مسألة جد خطيرة لأن كل زوج أقدم مثلا على طرد زوجته قد يدعي أمام النيابة العامة بأن طرده للزوجة كان مبررا في نظره , و نعتقد بأن المبرر المشروع للطرد و الغير المشروع له يتعين تقييمه من طرف النيابة العامة بكيفية موضوعية , و أن أي طرد للزوجة في قلب الليل يجب اعتباره طردا غير مبرر و لو كانت هناك أسباب موضوعية عند الزوج لأن ذلك يعرضها لأخطر المشاكل.
و يبقى التساؤل مطروحا حول الوسائل التي تمكن النيابة العامة بالتدخل لإرجاع المطرود , و عن العلم بواقعة الطرد في حد ذاتها .

المطلب الثاني: آثار المسؤولية المترتبة عن انتهاء الرابطة الزوجية.
يترتب عن انتهاء الرابطة الزوجية أثار جد هامة عندما يقدم الزوجين على إنهاء هذه الرابطة (الفقرة الأولى)، هذا بالإضافة إلى ما يترتب على الإنهاء من تقرير مسؤولية بالنيابة الشرعية عن الأبناء (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: آثار مسؤولية الزوجين في إنهاء الرابطة الزوجية
إذا كان حل ميثاق الزوجية سواء بالطلاق أو بالتطليق استثناء من القاعدة ألا وهي استمرار العلاقة الزوجية، فإن إعمال هذا الاستثناء تختلف آثاره إلى حد ما حسب ما إذا كان من لجأ إلى هذا الحل الزوج (أولا) أو الزوجة. (ثانيا)
أولا: حالة الزوج
لقد أعطى المشرع المغربي في إطار مدونة الأسرة الحق للزوجين في حل الرابطة الزوجية عن طريق الطلاق وذلك تحت مراقبة القضاء وهذا المقتضى في حقيقة الأمر يعتبر من المستجدات الذي أتت به المدونة على اعتبار أن الطلاق في ظل قانون الأحوال الشخصية باعتباره تصرفا قانونيا بإرادة منفردة كان مقتصرا على الزوج ، وهذه المساواة التي منحها المشرع المغربي للزوجين في ممارسة هذا الحق ما هي إلا انعكاس لمقتضيات المادة الرابعة من المدونة التي اعتبرت " الزواج ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين"، فجعل الزوجين مسئولين عن إنشاء الأسرة على قدم المساواة لا فرق بين الرجل والمرأة يقتضي تمتع الزوجين بهذه المساواة أيضا عند انحلال الرابطة الزوجية، فالطلاق في ظل المدونة أصبح يتميز بكونه ذو طابع قضائي ، وتفاديا لحالات الطلاق التي كانت تتم في غيبة الزوجة وفي غياب أبسط حقوق الدفاع فإن المشرع راعى هذا الجانب ووفر الضمانات التي من شأنها أن تلزم الزوج بعدم سلوك طرق احتيالية، في حالة إعطاء عنوان خاطئ للزوجة إذا استدعتها المحكمة لإجراء الصلح هذا بالإضافة إلى أن هناك آثار والتزامات مالية ألقاها المشرع على عاتق الزوج حتى إن كانت الزوجة هي من بادرت إلى طلب التطليق كما أن تراجع الزوج أو بالأحرى عدم إيداع المبالغ المحددة من قبل المحكمة داخل أجل الثلاثين يوما تراجعا عن طلب الطلاق إذا كان الزوج هو من بادر إلى طلب الطلاق ، وتجب الإشارة إلى أن هذه الالتزامات التي أحاط بها المشرع الزوج لا تعد في حقيقة الأمر إخلالا لمبدأ المساواة التي أعلنت عنه المدونة سواء في الدباجة أو في المادة الرابعة المشار إليها سابقا وإنما الغرض من كل ذلك هو إحاطة الطرف الضعيف في العلاقة الأسرية – ألا وهو المرأة والأطفال- بمزيد من الضمانات.

ونشير إلى أنه متى كان للزوج دور في إيقاع الطلاق وصل إلى حد التعسف فإن هذا التعسف يراعي في تقدير المتعة المستحقة للزوجة إلى جانب عناصر أخرى كفترة الزواج والوضعية المالية للزواج وأسباب الطلاق على ما أشارت إليه المادة 84 من مدونة الأسرة، غير أن إظهار الزوج تمسكه بزوجته قد يفيد في الحصول على التعويض.

وينبغي الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي قد ذهب بعيدا فينا يتعلق بتفسير مقتضيات الفصل 242 من القانون المدني والمتعلق بالتطليق للخطأ والذي يطابق إلى حد ما مفهوم التطليق للضرر لدى الدول الإسلامية فبعدما كان يستلزم ضرورة إثبات الطرف المتضرر- الزوج أو الزوجة- للخطأ في حق الطرف الآخر في بعض القرارات الصادرة عنه لوحظ عليه في بعض القرارات التي يمكن أن يقال عنها أنها اجتهادات حري أن يهتدي على هديها القضاء المغربي، حيث ذهب إلى أن مجرد النطق بالحكم بالتطليق خطأ يستوجب التعويض دون حاجة أن يثبت الطرف الآخر للخطأ في حق الطرف الآخر ، كما اعتبر هذا القضاء أيضا أن فقد الزوج لمنصبه في إحدى الشركات التي كانت تديرها زوجته جراء طلاقها منه، يعتبر في حد ذاته ضررا ماديا يوجب التعويض ، والقضاء الفرنسي عندما عمل على تفسير مقتضيات الفصل 242 من القانون المذكور إنما قام بدوره الإبداعي والخلاق في بعث الروح في هذا النص وعدم الوقوف على حرفيته.

ثانيا: حالة الزوجة
بقد وسعت مدونة الأسرة من حق من حق المرأة في طلب إنهاء العلاقة الزوجية وذلك بالمقارنة مع الوضع السائد في ظل مدونة الأحوال الشخصية إذ يكفي فقط أن نشير إلى أن الطلاق في ظل هذه المدونة كحق كان مقتصرا على الزوج فقط، أما مدونة الأسرة فقد جعلت منه حقا الزوجين معا لا فرق بين الزوج والزوجة، بل إن هنا التوسيع يظهر كثيرا عند إبرام عقد الزواج، إذ في ظل مدونة الأحوال الشخصية كان المشرع يعطي للمرأة الحق في أن تشترط على الزوج ألا يتزوج عليها حيث جاء في الفصل 30 منها: " للزوجة أن تشترط على زوجها ألا يتزوج عليها وإذا تزوج فأمرها بيدها"، وهذا الشرط لم يكن ملزما للزوج كما هو واضح، وإنما فقط يعطي للمرأة الحق في أن تشترط على زوجها ألا يتزوج عليها، وإذا تزوج فلها الخيار في أن تطلق نفسها، أو أن تبقى في عصمة زوجها، أما مدونة الأسرة فجعلت هذا النوع من الشروط ملزما على غرار باقي الشروط الأخرى ، بل وأن هذا الشرط يتميز عن غيره في كونه غير مشمول بمقتضيات المادة 48 من المدونة بمعنى أنه ليس للزوج الذي وافق على الشرط الذي اشترطته عليه زوجته بعدم التزوج عليها أن يلجأ إلى المحكمة بطلب الإعفاء منه أو تعديله، وفي ذلك ضمانة أكثر لحق المرأة في إنهاء العلاقة الزوجية.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 02:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-79666.htm