صنعاء نيوز - لا يختلف الكثير على أن كل مناطق الريف اليمني تقريبًا -خصوصًا البعيدة منها عن مراكز التّمدن

الثلاثاء, 01-نوفمبر-2022
صنعاءنيوز/ كتب/ عبد الله عمر البيتي -



لا يختلف الكثير على أن كل مناطق الريف اليمني تقريبًا -خصوصًا البعيدة منها عن مراكز التّمدن- باتت مُثخنة بالحرمان والمعاناة والنسيان والإهمال، ومديرية حجر إحدى هذه الأرياف المكلومة، إذ تقبع بقراها المتعددة إلى الغرب من مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، وهي أحد الوديان الزراعية الهامة في اليمن، حيث يبلغ طوله (200) كيلومتر منحدرًا من أعالي الهضبة الجنوبية الغربية لحضرموت باتجاه البحر العربي، وتجري المياه فيه طوال العام تقريبًا، وتنتهي في ميفع على ساحل البحر العربي.
ويعد الوادي من أخصب المناطق في حضرموت وأكثرها ماءً، وتزرع الأراضي السهلية الخصبة على جانبي مجرى الوادي بأنواع متعددة من الحبوب والفاكهة والخضروات، إلا أن أهم منتجات الوادي التمور من أشجار النخيل التي تقدر بحوالي ثلاثة ملايين نخلة -وفق إحصائيات قديمة- ولابد بأن العدد فاق الخمسة مليون في الوقت الحالي.
ومع كل هذه المعطيات الهامة التي حباها الله لهذه المديرية، والتي بواسطتها تتحوّل الأرض إلى لوحة بهية وبساطًا أخضرًا يُسر الناظرين، إلا أنها وللأسف الشديد لازال يبحث أبنائها عن الماء في رحلاتٍ يومية ومنذ فترة ليست بالقصيرة، ويعيشون ظمأى لقطرات الماء، وواديهم يترقرق ويتقلب ماؤه كبطون الحيّات دون أدنى استفادة منه بل يضيعُ هدرًا في مياه البحر العربي، هذه المعاناة لازالت على أشدها مع أهالي مناطق: الجول، الحصين، الرياض والحمراء، قشن والشطر، القيمة... على وجه الخُصوص وغيرها من القرى الأخرى المتاخمة على وجه العموم.
منذ سنين عجاف خلت تزيد عن الخمس تقريبًا وبعد تضرر مشروع المياه السابق القائم في المديرية حُرم أهالي هذه المديرية البسطاء الطيبين من أبسط الحقوق الأساسية التي تمنح للبشر وهو توفر إمدادات المياه الصالحة للشرب والاستخدام اليومي، ناهيكَ عن معاناة أخرى تتضاعف كتعثُّر التعليم، وإهمال وتدهور الصحة، وانقطاع الكهرباء، في ظل واقع سياسي بائس كرّس سياسة الإهمال لحرمان أبناء هذه المديرية من هذه الحقوق.
واقع مرير يكابده الأهالي هناك، بعد أن تضاعفت معاناتهم اليومية أكثر وأكثر بمرور الأيام، هذا النقص الحاد في إمدادات المياه الصالحة للشرب جعل الكثير من السكان يقنع بلترات من الماء الأحمر الملّوث التي يحصل عليها من مصادر المياه الجارية المفتوحة والتي قد تبعد في كثير من الأحايين لعدد من الكيلومترات غير قليل، وهو بدوره فاقم المشكلة وعقدها أكثر وأكثر، حيث بدأت كثير من أنواع الحميات والاسهالات الناتجة عن المياه الملوثة بالانتشار -وخصوصًا بين الأطفال- وأمراض أخرى ربما لا نعلمها يكتوون بآلامها بعيدًا عن أعين الأطباء، في ظل تدهور وتردي ملحوظ وممنهج تشهده جبهة الصحة هي الأخرى. وهي جميعها عوامل تجسد مشقة المواطن الحجري اليومية، والتي لا يصمد في وجهها الكثير، إذا ما أخذنا في الحسبان قلة ذات اليد والفقر المدقع المنتشر بين كثير من أهالي هذه المديرية.
إلى جانب هذه المشاهد المخزية التي تطحن يوميًا الأهالي سترى أيضًا في عدد من قُرى المديرية مشاهد: رعي الأغنام بواسطة الفتيات والنساء، غياب الكهرباء واستخدام الأهالي للمصابيح التقليدية (الفانوس)، سير الطلاب إلى مدارسهم مشيًا على الأقدام لمسافات بعيدة، وربما شاهدت حتى طلابًا يدرسون تحت الأشجار، إلى جانب مشاهداتك لجلب الماء على الدواب "الحمير" من مناطق بعيدة ومن يقوم بهذه الرحلة شبه المنظمة واليومية -عادةً- هم إما النساء أو الأطفال مما يؤدي لتسربهم عن الدراسة، أطفال -للأسف- لم يدركوا في نعومة أظافرهم سوى بؤس الحياة بحثًا عن المياه.
وفي هذا الإطار تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف UNICEF أن هناك أكثر من 16 مليون شخص في اليمن، بما في ذلك 8.47 ملايين طفل، يحتاج بشكل عاجل إلى المساعدة للوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة، وإلا فهم معرضون لخطر متزايد من سوء التغذية والظروف الأخرى التي تهدد حياتهم.
وبالتالي فإنه مهما نقلت وكتبت عن مأساة هذه المديرية المتضاعفة لا يمكنني تصوير المعاناة بالصورة الكاملة، فإنما يحس بألم النار الذي يكتوي بلهيبها. وهي رسالة مفادها أن على الدولة أن تقوم بواجبها تجاه أهالي هذه المديرية المنسية، تقوم بعملها ناحيتهم وجوبًا عليها، وليس تفضلًا ولا مِنَّةً.





تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 09:18 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-86967.htm