السبت, 01-أغسطس-2009
صنعاء -
ربحان رمضان

بحث الطفل عن لعبة تناسبه ، توسل إلى أمه أن تشتري له واحدة فقط .
كانت اللعبة عبارة عن قطع بلاستيكية صغيرة يسمونها ( Ego) .
ركـّبها الطفل بمساعدة خارطة معلومات موضحّ فيها كيفية تركيبها .

التفت إلى اليسار .. اشتكى الجوع ، مما دعى به أن يناقش والده في قضية الدخول إلى المطعم وتناول العشاء فيه .
قال لأبيه إني جائع .. وهذا المطعم جميل ، وقريب .. هه يعني خطوتين من البيت ، (وبالفعل أنه يقع في وســـط المدينة التي قصدوها بغية الاستجمام ).
إلا أن الأسعار في هذا المطعم ليست كغيرها من المطاعم ، مرتفعة للغاية ، والمبلغ الذي ادخروه لهذه الرحلة أشرف على النفاذ .

لكن ، ومع الحاح الطفل ، دخلوا المطعم مرغمين .
جاءتهم النادلة مبتسمة ، أعطت لكل منهم دفتر أو كتاب عرف الأب فيما بعد أنه قائمة مسجل فيها أسماء المأكولات والمشروبات مرفقة بالصور والأسعار .
طلب الوالد حساء سمك وخبز ، وطلبت أمه صحن سلطة ، بينما طلب الطفل صحن من السمك ، وصحن سلطة ، وصحنا ً من الحمص ، ثم سيخين من اللحم المشوي ، وصحن فاكهة ، وكأس فراولة ، وأخيرا آيس كريم . ثم التفت إلى لعبته ليركـّب أجزائها ، ولم يرفع رأسه منها إلى أن انتهى من تركيبها .
قال لوالديه : هيا بنا نذهب إلى البيت .
والعشاء الذي طلبته ؟!!
سألاه أبويه بدهشة .
قال لهما وهو ينظر إلى لعبته بإعجاب : كلوه أنتم ، انظروا إلى هذا الرجل الآلي الذي ركــّبته ما أحلاه .

إنهم يرتادوا هذه المدينة أو شبه الجزيرة البحرية الواقعة على البحر الأسود منذ سنوات ، وعندما وصلوها هذه المرة كان الوقت مساء .
استقبلتهم أول ما وصلوا الجدة (ميلكا) وزوجها السيد بوريس عند الباب على طاولة من طاولات المطعم الموسمي في مدخل البيت والذي تعمل فيه السيدة تانيا وزوجها ناسكو ( نسبة إلى أتناس) ، وولديهما الصبية ماريا التي ستلتحق بكلية التجارة في مطلع العام الدراسي التالي ، والفتى ميدكو ،ابن الأربعة عشر ربيعا ً ، الفتى النشط الذي يساعد والديه بالعمل في المطعم في تقديم وجبات البيتزا للزبائن .
رحبت بهم صاحبة البيت ، وطلبت من ماريا أن تقدم لضيوفها شئ يشربوه ، وأكدت لهما أنه يجب عليهم الحفاظ على المفتاح ، سيما مفتاح الباب الخارجي .
فقد كادتا الفتاتان اللتان تسكنا في الغرفة المجاورة أن تناما على الباب بعد أن عادتا متأخرتان من الديسكو في الليلة الماضية لولا أنهما اتصلا بصاحبيهما فأتيا وأخذوهن لتناما عندهما .

في صباح اليوم التالي صاح الطفل متعجب : خطف الطائر أكلي .
تعال يابابا .. تعال بسرعة .
ركض الوالد فرأى طائر نورس يطير نحو البحر وفي فمه قطعة بيتزا كبيرة .
والحقيقة أن النوارس في تلك البلدة اجتماعية بالفطرة ، وبالإكتساب والعادة ، وقبلها أيام الحكام الحمر كانت الديوك تملأ المدينة .
تمشي بين الناس ، فيطعموها .. وكثير من الأحيان كانت تطير وتخرئ عليهم .
ضحك (البابا) .. قارن بين تلك النوارس ، والديوك ، وماريا ، وقرص الشمس بتلك العصابات الأمنية التي لاتزال تلاحقه وتحرض عليه الأوغاد ..
دمعت عيناه ..
حادث نفسه : هذه بلاد وتلك بلادي ..
لاشئ أجمل ..
لاشئ يشبه تلك البلاد .



تمت طباعة الخبر في: الأحد, 28-أبريل-2024 الساعة: 12:24 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-874.htm