السبت, 11-يونيو-2011
صنعاء نيوز - 
لم أتصور أبداً أن يأتي علينا يوم يرى فيه بعض أبناء جلدتنا بأن العدوان على البلاد ورموزها الوطنية وسفك دماء رجالاتها مدعاة للاحتفال وإعلان الأفراح والليالي الملاح. صنعاء نيوز/حمدي دوبلة -




لم أتصور أبداً أن يأتي علينا يوم يرى فيه بعض أبناء جلدتنا بأن العدوان على البلاد ورموزها الوطنية وسفك دماء رجالاتها مدعاة للاحتفال وإعلان الأفراح والليالي الملاح.



وما كان الاعتداء الغاشم الذي استهدف رئيس الجمهورية وكبار رجالات الدولة إلا عدواناً صارخاً على الدين والوطن واليمنيين قاطبة وتجرؤاً سافراً على مشاعر أبناء الأمة اليمنية ومبادئها وأخلاقها.. فموعده كان في الجمعة الأولى من شهر رجب المحرم الذي يحتفل فيه اليمنيون بذكرى دخول الإسلام إلى اليمن.. أما مكانه ففي بيت من بيوت الله وفي دار الرئاسة حيث يُعد عنواناً ورمزاً لعزة وكبرياء هذه الأمة سواء كان فيه الرئيس علي عبدالله صالح أو غيره من الرؤساء القادمين إما أهدافه الخبيثة فتمثلت في قتل شخص الرئيس وكبار رجالات الدولة حتى وإن كانوا بين يدي الله يؤدون إحدى شعائره.



حرمة الزمان وقدسية المكان ورمزيته الوطنية والإنسانية لم تردع المعتدين الجبناء ونفذوا فعلتهم الشنعاء وسقط علية القوم وكبراؤهم مضرجين بدمائهم في أقدس البقاع.



كانت الصدمة قاسية على الناس ووقفوا مشدوهين واضعين أكفهم على قلوبهم اشفاقاً من هول ما جرى.. ولم يكادوا يفيقون من صدمتهم وبعد ساعات فقط على هذا العدوان غير المسبوق في تاريخ اليمن المعاصر إلاّ وحلَّت على الناس الصدمة الثانية وكانت وطأتها أشد من الاعتداء نفسه إذ خرج بعض من أبناء هذه الأرض فرحين مستبشرين بما حدث وأخذوا يرقصون طرباً على آلام وجراحات الوطن ومشاعر شعبه الكريم.



ارتفعت الأهازيج وتعالت زغاريد النساء ونُحرت الذبائح ووزع المحتفلون الحلويات الفرائحية على المارين في الشوارع وعم الفرح والابتهاج ما يسمى بساحات التغيير في استخفاف واضح وقبيح لمشاعر الناس ومعاناتهم ودون أدنى اعتبار لما لحق بالوطن وكبريائه من تطاول أو على الأقل احترام أحزان اخوانهم من ذوي الضحايا الذين سقطوا في الحادثة الأليمة.



الحيرة في عيون الناس وكل معاني الاستنكار في قسماتهم لم تحد من عنفوان الفرحة غير المبررة بل مضى المحتفون وبإصرار غريب يرفعون من إيقاعات "الزفة في بيت العزاء" وكأنهم لم يسمعوا عن أخلاق الإسلام وعن عادات اليمنيين وتقاليدهم وأعرافهم الأصيلة والراقية في الأفراح والأتراح وغاب عنهم أن الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام وهو المعلم والقدوة عبر الأزمان قد نهى أصحابه الكرام عن سب عدو الله وفرعون هذه الأمة أبو جهل وعدم مناداته بهذا الاسم احتراماً لمشاعر ابنه عكرمة بن أبي الحكم الذي أسلم بعد فتح مكة.. لم يتمثل هؤلاء هذا الحديث الشريف ولا غيره من الأحاديث النبوية المماثلة على كثرتها ولم تستحضر نفوسهم حتى بعض مواقف أسلافنا العرب من غير المسلمين والتي انطوت على معاني المروءة والطباع الرفيع وان كانت إزاء أعدائهم كما فعل ذلك المرتد الكاذب الذي أدعى النبوة في أواخر أيام الني الكريم عندما نهر أحد اتباعه بشدة عندما جاءه فرحاً يزف إليه نبأ وفاة الرسول الأكرم قائلاً لهذا التابع المسرور أفي الموت شماتة ليسجل موقفاً إنسانياً رائعاً على الرغم من قبح أفعاله.



ليتهم تأسوا حتى بتلك الفتاة الأمريكية التي ظهرت مؤخراً على بعض القنوات الفضائية معلقة على احتفالات بعض الأمريكيين بمقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن المتهم الأول في قتل آلاف الأمريكيين في هجمات سبتمبر على برجي منهاتن عندما قالت: إني لأشعر بالأسى أن يتم الاحتفال بموت إنسان.



لقد تجاوز هؤلاء بأفراحهم هذه كل الأخلاق والقيم الإنسانية وجاءوا بما تبرأ منه الأولون والآخرون وأنفه العرب والأعاجم في وقت بدأ فيه كثير من الناس يتأثرون بسحر روايات وأحاديث الشباب وتأكيداتهم بأنهم يعيشون في الساحات كل معاني المثالية حتى لكأنهم بالفعل في مدينة افلاطون الفاضلة.



لا نريد هنا أن نقسو على شبابنا وأمل أمتنا في بناء مستقبلها الأفضل وسنعتبر ما جرى من أمر الاحتفالات هفوة حزبية أقدم عليها مراهقون سياسيون من أحزاب المشترك ممن يطمحون في الوصول إلى دار الرئاسة يوماً ما غير مدركين ربما أنهم يهللون اليوم لانتهاك حرمة هذه الدار ورمزيتها السيادية وأن الشباب الطاهر قد وجد نفسه إزاء ذلك مجبراً على مسايرة هذه المراهقات والاستفزازات الرخيصة.



نعم سنفترض براءة شبابنا وسلامة نواياهم من هذه الزلة ولو من باب حسن الظن وحتى لا يُقال تهاوت أخلاقنا وضاعت المروءة بين الناس.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 16-مايو-2024 الساعة: 11:37 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-9060.htm